للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ في الفتح (رسولك) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو رسولك، وإنما تتعرض لحفصة لأنها هي التي أجابتها طائعة فعادت على نفسها باللوم.

وقال في الفتح أيضاً: قوله (إذا أراد سفراً) مفهومه اختصاص القرعة بحالة السفر وليس على عمومه بل لتعين القرعةُ من يسافر بها، وتجري القرعة أيضاً فيما إذا أراد أن يقسم بين زوجاته فلا يبد بأيهن شاء بل يقرع بينهن فيبدأ بالتي تخرج لها القرعة، إلا أن يرضين بشيء فيجوز بلا قرعة. قوله (أقرع بين نسائه) زاد ابن سعد من وجه آخر عن القاسم عن عائشة "فكان إذا خرج سهم غيري عرف فيه الكراهية" واستدل به على مشروعية القرعة في القسمة بين الشركاء وغير ذلك كما تقدم في أواخر الشهادات، والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة، قال عياض: هو مشهور عن مالك وأصحابه لأنه من باب الخطر والقمار، وحكى عن الحنفية أجازتها أهـ، وقد قالوا به في مسألة الباب، واحتج من منع من المالكية بأن بعض النسوة قد تكون أنفع في السفر من غيرها فلو خرجت القرعة للتي لا نفع بها في السفر لأضر بحال الرجل، وكذا بالعكس قد يكون بعض النساء أقوم ببيت الرجل من الأخرى، قوال القرطبي: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف أحوال النساء، وتختص مشروعية القرعة بما إذا اتفقت أحوالهن لئلا تخرج واحدة معه فيكون ترجيحاً بغير مرجح أهـ. وفيه مراعاة للمذهب مع الأمن من رد الحديث أصلاً لحمله على التخصيص، فكأنه خصص العموم بالمعنى قال الداودي: يحتمل أن تكون المسايرة في ليلة عائشة ولذلك غلبت عليها الغيرة فدعت على نفسها بالموت، وتعقب بأنه يلزم أنه يوجب القَسْم في المسايرة، وليس كذلك إذ لو كان لما كان يخص عائشة بالمسايرة دون حفصة حتى تحتاج حفصه تتحيل على عائشة، ولا يتجه القسم في حالة السير إلا إذا كانت الخلوة لا تحصل إلا فيه بأن يركب معها في الهودج وعند النزول يجتمع الكل في الخيمة فيكون حينئذ عماد القسم السير، أما المسايرة فلا، وهذا كله مبني على أن القسم كان واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يدل عيه معظم الأخبار، ويؤيد القول بالقرعة أنهم اتفقوا على أن مدة السفر لا يحاسب بها المقيمة بل يبتدئ إذا رجع بالقسم فيما يستقبل، فلو سافر بمن شاء بغير قرعة فقدم بعضهن في القسم للزم منه إذا رجع أن يوفي من تخلفت حقها، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن ذلك لا يجب، فظهر أن للقرعة فائدة وهي أن لا يؤثر بعضهن بالتشهي لما يترتب على

<<  <  ج: ص:  >  >>