للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من تزكيته، فلم يزالوا بها حتى أذنتْ له، فلما دخل عليها، قال ابن عباس: إنما سُميت أم المؤمنين لتسعدي، وإنه لاسْمُكِ قبل أن تُولدي إنك كنت من أحب أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُحب إلا طيباً، وما بينك وبين أن تلقي الأحبة إلا أن تفارق الروح الجسد، ولقد سقطت قلادتك ليلة الأنواء فجعل الله للمسلمين خيرةً في ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم ونزلتْ فيكِ آيات من القرآن، فليس مسجدُ من مساجد المسلمين إلا يُتلى فيه عُذرك آناء الليل وآناء النهار فقالت: دعني من تزكيتك لي يا ابن عباس فوددت أني كنتُ نسياً منسياً.

وأما حادثة التخيير فقد كان سببها طلب أزواجه منه التوسعة الدنيوية عليهن، وقد ورد في بعض روايات صلتها بالآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} (١) والظاهر أن ذلك الطلب وحادثة التحريم كانتا في وقت واحد، وتتعدد الروايات حول سبب نزول آية التحريم، ولا مانع من تعدد سبب النزول.

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: أخرج البخاري (٢) في التفسير عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش، ويمكث عندها فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا دخل عليها، فلتقل له: أكلت مَغَافير، إني أجد منك ريح مغافير قال: "لا ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً".

والمغافير: صمغ شبيه بالناطف ينضحه العرفط (نوع من الشجر)، فيوضع في ثوب، ثم ينضح بالماء فيشرب، وله ريح منكرة.

وثمت سبب آخر في نزول الآية، فقد أخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح فيما قاله الحافظ إلى مسروق قال: حلف رسول الله لحفصة لا يقرب أمته، وقال: علي حرام، فنزلت الكفارة ليمينه، وأُمِرَ أن لا يحرم ما أحل الله له، وأخرج الضياء المقدسي في


(١) التحريم: ١.
(٢) البخاري (٨/ ٦٥٦) ٦٥ - كتاب التفسير-٩٦ - سورة التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>