للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدنيا" فقلتُ: استغفر لي يا رسول الله. وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهنُ حتى عاتبه الله عز وجل.

قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة. قالت: لما مضى تسعٌ وعشرون ليلة، دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم. بدأ بي فقلتُ: يا رسول الله! إنك أقسمتَ أن لا تدخل علينا شهراً وإنك دخلت من تسع وعشرين أعدهُن. فقال: "إن الشهر تسع وعشرون" ثم قال: "يا عائشة إني ذاكرٌ لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك" ثم قرأ عليّ الآية {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {أَجْرًا عَظِيمًا} قالت عائشة: قد علم والله أن أبويَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت فقلتُ: أو في هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريدُ الله ورسوله والدار الآخرة.

قال معمرٌ: فأخبرني أيوب أن عائشة قالت: لا تخبر نساءك أني اخترتُك. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أرسلني مُبلغاً ولم يرسلني متعنتاً".

قال قتادة: صفتْ قلوبكما: مالت قلوبكما.

وفي رواية (١) لمسلم عن عبد الله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال: دخلتُ المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر فقلت: لأعلمنِّ ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك. قال: فدخلتُ على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله ر؟ والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحبك ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) مسلم (٢/ ١١٠٥) ١٨ - كتاب الطلاق-٥ - باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، وقوله تعالى (وإن تظاهرا عليه).
ينكتون بالحصى: أي يضربون به الأرض، كفعل المهموم المفكر.
عليك بعيبتك: المراد عليك بوعظ بنتك حفصة. قال أهل اللغة: العيبة، في كلام العرب، وعاء يجعل الإنسان فيها ألإضل ثيابه ونفيس متاعه، فشبهت ابنته بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>