قال صاحب عون المعبود: لِمَ تُحَرَمُ ما أحل الله لك: من شرب العسل أو مارية القبطية. قال ابن كثير والصحيح أنه كان في تحريم العسل. وقال الخطابي: الأكثر على أن الآية نزلت في تحريم مارية حين حرمها على نفسه، ورجحه في فتح الباري بأحاديث عند سعيد بن منصور والضياء في المختارة والطبراني في عشرة النساء وابن مردويه والنسائي ولفظه عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به حفصة وعائشة رضي الله عنهما حتى حرمها فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} قال القسطلاني: ولكن قال الخطابي في معالم السنن: في الحديث دليل على أن يمين النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقعت في تحريم العسل لا في تحريم أم ولده مارية القبطية كما زعمه بعض الناس. قال الخازن: قال العلماء: إنها في قصة العسل لا في قصة مارية القبطية المروية في غير الصحيحين ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح أهـ عون المعبود.
أقول: يلاحظ أن الخطابي قد رجح أن التحريم كان بسبب حادثة العسل ولا مانع أن تكون الآيات قد نزلت مرتين بسبب هاتين الحادثتين والمرة الثانية كانت مذكرة بأن النص نفسه ينطبق على الحادثة الجديدة.
قال في الفتح:
قوله (وكان إذا انصرف من العصر) كذا للأكثر، خالفهم حماد بن سلمة عن هشام بن عروة فقال "الفجر" أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن أبي النعمان عن حماد، ويساعده رواية يزيد بن رومان عن ابن عباس ففيها "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح جلس في مصلاه وجلس الناس وله حتى تطلع الشمس، ثم يدخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن كان عندها" الحديث أخرجه ابن مردويه، ويمكن الجمع بأن الذي كان يقع في أول النهار سلاماً ودعاء محضاً، والذي في آخره معه جلوس واستئناس ومحادثة، لكن المحفوظ في حديث عائشة ذكر العصر ورواية حماد بن سلمة شاذة. قوله (دخل على نسائه) في رواية أبي أسامة أجاز إلى نسائه أي مشى،