ويجيء بمعنى قطع المسافة، ومنه فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، أي أول من يقطع مسافة الصراط. قوله (فيدنو منهن) أي فيقبل ويباشر من غير جماع كما في الرواية الأخرى. قوله (فاحتبس) أي أقام، زاد أبو أسامة "عندها". قوله (فسألت عن ذلك) ووقع في حديث ابن عباس بيان ذلك ولفظه "فأنكرت عائشة احتباسه عند حفصة فقالت: لجويرية حبشية عندها يقال لها خضراء: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها فانظري ما يصنع". قوله (فلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك) في رواية أبي أسامة "فذكرت ذلك لسودة وقلت لها: إنه إذا دخل عليك سيدنو منك" وفي رواية حماد بن سلمة "إذا دخل على إحداكن فلتأخذ بأنفها، فإذا قال: ما شأنك؟ فقولي: ريح المغافير" قوله (والله لقد حرمناه) بتخفيف الراء أي منعناه. قوله (قلت لها اسكتي) كأنها خشيت أن يفشو ذلك فيظهر من كيدها لحفصة. وفي الحديث من الفوائد ما جبل النساء عليه من الغيرة. وأن الغيراء تعذر فيما يقع منها من الاحتيال فيما يدفع عنها ترفع ضرتها عليها بأي وجه كان، وترجم عليه المصنف في كتاب ترك الحيل "ما يكره من احتيال المرأة من الزوج والضرائر" وفيه الأخذ بالحزم من الأمور وترك ما يشتبه الأمر فيه من المباح خشية من الوقوع في المحذور. وفيه ما يشهد بعلو مرتبة عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت ضرتها تهابها وتطيعها في كل شيء تأمرها به حتى في مثل هذا الأمر مع الزوج الذي هو أرفع الناس قدراً. وفيه إشارة إلى ورع سودة لما ظهر منها من التندم على ما فعلت لأنها وافقت أولا على دفع ترفع حفصة عليهن بمزيد الجلوس عندها بسبب العسل، ورأت أن التوصل إلى بلوغ المراد من ذلك لحسم مادة شرب العسل الذي هو سبب الإقامة. لكن أنكرت بعد ذلك أنه يترتب عليه منع النبي صلى الله عليه وسلم من أمر كان يشتهيه وهو شرب العسل مع ما تقدم من اعتراف عائشة الآمرة بذلك في صدر الحديث، فأخذت سودة تتعجب مما وقع منهن في ذلك. ولم تجسر على التصريح بالإنكار، ولا راجعت عائشة بعد ذلك لما قالت لها "اسكتي" بل أطاعتها وسكتت لما تقدم من اعتذارها في أنها كانت تهابها وإنما كانت تهابها لما تعلم من مزيد حب النبي صلى الله عليه وسلم لها أكثر منهن، فخشيت إذا خالفتها أن تغضبها، وإذا أغضبتها لا تأمن أن تغير عليها خاطر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحتمل ذلك، فهذا معنى خوفها منها. وفيه أن عماد القسم الليل، وأن النهار يجوز الاجتماع فيه بالجميع لكن بشرط أن لا تقع