للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلى الله عليه وسلم "اجلسوا هاهنا" ودخل، وقد أُتي بالجونية فأنزلت في بيتٍ في نخلٍ، في بيتِ أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتُها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هي نفسك لي" قالت: وهل تهب الملكةُ نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يدهُ عليها لتسكُن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: "قد عُذتِ بمعاذٍ" ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أُسيد اكسُها رازقيين، وألحقها بأهلها".

وفي رواية (١) عن أبي أسيد، وعن سهل بن سعد قالا: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أُسيدٍ أن يجهزها ويكسوها ثوبيين رازقيين.

قال صاحب الفتح: (حتى انتهينا إلى حائطين جلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا ههنا ودخل) أي إلى الحائط. وفي رواية لابن سعد عن أبي أسيد قال "تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني الجون فأمرني أن آتيه بها فأتيته بها فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فخرج يمشي ونحن معه. وذُباب بضم المعجمة وموحدتين مخففاً جبل معروف بالمدين، والأطم الحصون هو الأجم أيضاً والجمع آطام وآجام كعنق وأعناق، وفي رواية لابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً فقال: ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؟ فتزوجها وبعث معه أبا أسيد الساعدي، قال أبو أسيد: فأنزلها في بني ساعدة فدخل عليها نساء الحي فرحين بها وخرجن فذكرن من جمالها. قوله (فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل) هو بالتنوين في الكل، وأميمة بالرفع إما بدلاً عن الجونية وإما عطف بيان، وظن بعض الشراح أنه بالإضافة فقال في الكلام على الرواية التي بعدها: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل ولعل التي نزلت في بيتها بنت أخيها، وهو مردود فإن مخرج الطريقين واحد، وإنما جاء الوهم من إعادة لفظ "في بيت" وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في


= السوقة: من الناس: العامة والرعاع.
رازقيين: الثياب الرازقية: ثياب من كتان.
(١) البخاري في نفس الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>