القرشي، أبو حفص العدوي: الملقب بالفاروق، قيل لقبه بذلك أهل الكتاب. وأمه حَنْتَمة بنت هشام أخت أبي جهل بن هشام، أسلم عمر وعمره سبع وعشرون سنة، وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع النبي صلى الله علي وسلم، وخرج في عدة سرايا، وكان أميراً على بعضها، وهو أول من دعي أمير المؤمنين، وأول من كتب التاريخ، وجمع الناس على التراويح، وأول من عس بالمدينة، وحمل الدرة وأدب بها، وجلد فيالخمر ثمانين، وفتح الفتوح، ومصر الأمصار، وجند الأجناد. ووضع الخراج، ودون الدواوين، وعرض الأعطية، واستقضى القضاة، وكوَّرالكور، مثل السواد والأهواز والجبال وفارس وغيرها، وفتح الشام كله، والجزيرة والموصل وميافارقين، وآمد، ومات وعساكره على بلاد الري. فتح من الشام: اليرموك وبُصرى ودمشق والأردن، وبيسان، وطبرية، والجابية، وفلسطين، والرملةن وعسقلان، وغزة، والسواحل، والقدس، وفتح مصر، وإسكندرية، وطرابلس الغرب، وبرقة، ومن مدن الشام: بعلبك وحمص وقنسرين وحلب وأنطاكية وفتح الزيرة وحران والرها والرقة ونُصيبين ورأس عين وشمشاط وعين وردة وديار بكر وديار ربيعة وبلاد الموصل وأرمينية جميعها. وبالعراق: القادسية والحيرة ونهر سينوساباط، ومدائن كسرى وكورة الفرات ودجلة والأُبلة والبصرة والهواز وفارس ونهاوند وهمذان والري وقُومس - وهو صقع كبير من خراسان وبلاد الجبل - وخراسان واصطخر وأصبهان والسوس ومرو ونيسابور وجرجان وأذربيجان وغير ذلك، وقطعت جيوشه النهر مراراً.
وكان متواضعاً في الله، خشن العيش، خشن المطعم، شديداً في ذات الله، يرقع الثوب بالأديم، ويحمل القربة على كتفيه، مع عظم هيبته، ويركب الحمار عرياً، والبعير مخطوماً بالليف، وكان قليل الضحك لا يمازح أحداً، وكان نفش خاتمه: كفى بالموت واعظاً يا عمر.
ولما فرغ من الحج سنة ثلاث وعشرين ونزل بالأبطح دعا الله عز وجل وشكا إليه أن قد كبرت سنه وضعفت قوته، وانتشرت رعيته، وخاف من التقصي، وسأل الله أن يقبضه إليه، وأني من عليه بالشهادة في بلد النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك، فاستجاب له الله هذا الدعاء،