للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (١) ونادى علي: عليكم به، وهرب وردان فأدركه رجل من حضرموت فقتله، وذهب شبيب فنجا بنفسه وفات الناس، ومسك ابن ملجم وقدم علي جعدة بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس صلاة الفجر، وحمل علي إلى منزله، وحمل إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف -قبحه الله- فقال له: أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال: بلى. قال: فما حملك على هذا؟ قال: شحذته أربعين صباحًا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، فقال له علي: لا أراك إلا مقتولاً به، ولا أراك إلا من شر خلق الله، ثم قال: إن مت فاقتلوه وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به، فقال جندب ابن عبد الله: يا أمير المؤمنين إن مت نبايع الحسن؟ فقال: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر. ولما احتضر علي جعل يكثر من قول لا إله إلا الله، لا يتلفظ بغيرها. وقد قيل إن آخر ما تكلم به {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٢). وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة والزكاة وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبت في الأمر، والتعاهد بالقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش، ووصاهما بأخيهما محمد بن الحنفية ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما ولا يقطع أمرًا دونهما وكتب ذلك كله في كتاب وصيته رضي الله عنه وأرضاه.

وقد غسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الحسن فكبر عليه تسع تكبيرات. وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي يحيى قال: لما ضرب ابن ملجم عليًا قال لهم: افعلوا به كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل برجل أراد قتله فقال: "اقتلوه ثم حرقوه".

وروى ابن جرير قال: حدثني الحارث ثنا ابن سعد عن محمد بن عمر قال: ضرب علي يوم الجمعة فمكث يوم الجمعة ويوم السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة.

ولما مات علي ولي غسله ودفنه أهله، وصلى عليه ابنه الحسن وكبر أربعًا، وقيل أكثر


(١) البقرة: ٢٠٧.
(٢) الزلزلة: ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>