للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يبكين أبا سليمان؟ ما لم يكن نقع ولا لقلقة. فلما خرج لجنازته رأى عمر امرأة محرمة تبكيه وتقول:

أنت خير من ألف ألف من النا ... س إذا ما كبت وجوه الرجال

أشجاع فأنت أشجع من ليث ... ضمر بن جهم أبي أشبال

أجواد فأنت أجود من سيل ... دياس يسيل بين الجبال

فقال عمر: من هذه؟ فقيل له: أمه. فقال: أمه وإلا له -ثلاثاً -وهل قامت النساء عن مثل خالد. قال: فكان عمر يتمثل في طيه تلك الثلاث في ليله وفي قدومه.

تبكي ما وصلت، به الندامى ... ولا تبكي فوارس كالجبال

تمنى بعدهم قوم مداهم ... فلم يدنوا لأسباب الكمال

وفي رواية أن عمر قال لأم خالد: أخالداً أو أجره ترزئين؟ عزمت عليك أن لا تبيني (١) حتى تسود يداك من الخضاب، وهذا كله مما يقتضي موته بالمدينة النبوية، وإليه ذهب دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي.

ولكن المشهور عن الجمهور أنه مات بحمص سنة إحدى وعشرين. زاد الواقدي: وأوصى إلى عمر بن الخطاب. وقد روى محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وغيره قالوا: قدم خالد المدينة بعد ما عزله عمر فاعتمر ثم رجع إلى الشام، فلم يزل بها حتى مات في سنة إحدى وعشرين.

لما مات خالد بن الوليد قال عمر: رحم الله أبا سليمان، لقد كنا نظن به أموراً ما كانت. وقال جويرية عن نافع قال: لما مات خالد لم يوجد له إلا فرسه وغلامه وسلاحه.

قال أبو علي الحرنازي: دخل هشام بن البحتري في ناس من بني مخزوم على عمر بن


(١) عزمت عليك أن لا تبيني: عزمت عليك بعد أن تفارقيني أن تخضبى يديك لأن المرأة لا يحل لها أن تظهر الحزن أكثر من ثلاثة أيام على أحد إلا على زوجها.
تسود: أن تخضب يديها بالحناء إشارة إلى تركها الحزن على فقد خالد.

<<  <  ج: ص:  >  >>