للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في خالد. فأنشده فقال: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله، إنه كان ليحب أن يذل الشرك وأهله، وإن كان الشامت به لمتعرضاً لمقت الله. ثم قال عمر: قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره:

وقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكأن قدي

فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي ... ولا موت من قد مات بمخلدي

ثم قال عمر: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه. ولقد مات سعيداً وعاش حميداً ولكن رأيت الدهر ليس بقائل (١). اهـ ابن كثير.

وقال الذهبي في ترجمته: سيف الله تعالى، وفارس الإسلام، وليث المشاهد، السيد الإمام الأمير الكبير، قائد المجاهدين، أبو سليمان القرشي المخزومي المكي، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث.

هاجر مسلماً في صفر سنة ثمان، ثم سار غازياً، فشهد غزوة مؤتة واستشهد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة: مولاه زيد، وابن عمه جعفر ذو الجناحين، وابن رواحة، وبقي الجيش بلا أمير، فتأمر عليهم في الحال خالد، وأخذ الراية، وحمل على العدو، فكان النصر، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم، سيف الله، فقال: "إن خالداً سيف سله الله على المشركين". وشهد الفتح وحنيناً، وتأمر في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله وحارب أهل الردة، ومسيلمة، وغزا العراق، واستظهر، ثم اخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه، وشهد حروب الشام، ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء، ومناقبة غزيرة، أمره الصديق على سائر أمراء الأجناد، وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة. اهـ الذهبي.


(١) رأيت الدهر ليس بقائل: من القيلولة، بمعنى أن الدهر لا يغفل عنه.
أقول: إن عمر كان يعرف قدر خالد ومقامه وليس مثل عمر يجهل الرجال كما أنه فوق أن يحمله غرض نفسي على عزل خالد ولكنه خشي أن يستشهد خالد وهو أمير فتهن معنويات المسلمين وترتفع معنويات الكافرين، وحتى تبقى قلوب المسلمين تتعلق بالله وتثق أن النصر منه جل جلاله فلا يداخلها نوع من الاعتماد على غير الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>