للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنت في عقلك؟ قال: إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم وكانوا ممن يوازي حلومهم الجبال فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنكروا عليه فلذنا بهم، فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فإذا حق بين فوقع في قلبي الإسلام فعرفت قريش ذلك مني من إبطائي عما كنت أسرع فيه من عونهم عليه فبعثوا إلي فتى منهم فناظرني في ذلك فقلت: أنشدك الله ربك ورب من قبلك ومن بعدك أنحن أهدى أم فارس والروم؟ قال: نحن أهدى. قلت: فنحن أوسع عيشاً أم هم؟ قال: هم قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلا في الدنيا وهم أعظم منا فيها أمراً في كل شيء وقد وقع في نفسي أن الذي يقوله محمد من أن البعث بعد الموت ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته حق ولا خير في التمادي في الباطل. وأخرج البغوي بسند جيد عن عمرو بن إسحاق أحد التابعين قال: استأذن جعفر ابن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التوجه إلى الحبشة فأذن له قال عمير: فحدثني عمرو بن العاص قال: لما رأيت مكانه قلت: والله لأستقلن (١) لهذا ولأصحابه فذكر قصتهم مع النجاشي قال: فلقيت جعفراً خالياً فأسلمت قال وبلغ ذلك أصحابي فغنموني وسلبوني كل شيء فذهبت إلى جعفر فذهب معي إلى النجاشي فردوا علي كل شيء أخذوه ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته وولاه غزاة ذات السلاسل وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح ثم استعمله على عمان فمات وهو أميرها ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر وهو الذي افتتح قنسرين (٢) وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وولاه عمر فلسطين أخرج ابن أبي خيثمة من طريق الليث قال: نظر عمر إلى عمرو يمشي فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميراً. وقال إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن قبيصة بن جابر: صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أبين قرآناً ولا أكرم خلقاً ولا أِبه سريرة بعلانية منه وقال محمد بن سلام الجمحي كان عمر إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه يقول أشهد أن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد. وولي عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب وهو الذي


(١) لأستقلن: أي لأقللن من شأنهم عند النجاشي.
(٢) قتسرين: كورة بالشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>