للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال ابن كثير: واستفحل أمر معاوية، ولم يزل أمر علي في اختلاف مع أصحابه حتى قتله ابن ملجم كما تقدم، فعند ذلك بايع أهل العراق الحسن بن علي، وبايع أهل الشام لمعاوية بن أبي سفيان، ثم ركب الحسن في جنود العراق عن غير إرادة منه، وركب معاوية في أهل الشام، فلما تواجه الجيشان وتقابل الفريقان سعى الناس بينهما في الصلح، فانتهى الحال إلى أن خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في ربيع الأول من هذه السنة -أعني سنة إحدى وأربعين- ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس بها خطبة بليغة بعد ما بايعه الناس -واستوثقه له الممالك شرقًا وغربًا، وبعدًا وقربًا، وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة، فولي معاوية قضاء الشام لفضالة بن عبيد، ثم بعده لأبي إدريس الخولاني، وكان على شرطته قيس بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرحون بن منصور الرومي، ويقال إنه أول من اتخذ الحرس وأول من حزم الكتب وختمها، اهـ. ابن كثير.

قال الذهبي في ترجمته: أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبيد الرحمن، القرشي الأموي المكي، وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم من أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح، ذكر ابن أبي الدنيا وغيره أن معاوية كان طويلاً، أبيض، جميلاً إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وكان يخضب.

وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلونه، إما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء، وإما قد ولدوا في الشام على حبه، وتربي أولادهم على ذلك، وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة، وعدد كبير من التابعين والفضلاء، وحاربوا معه أهل العراق، ونشؤوا على النصب (١)، نعوذ بالله من الهوى، كما قد نشأ جيش علي رضي الله عنه، ورعيته -إلا الخوارج منهم- على حبه والقيام معه، وبغض من بغى عليه والتبري منهم، وغلا خلق منهم في التشيع، فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم، لا يكاد يشاهد فيه إلا غالبًا في


(١) النصب: عداوة أهل البيت النبوي الشريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>