للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبب ورود قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قد جعل الله لهن سبيلاً" أن الله عز وجل قد أنزل في سورة النساء في الحكم بشأن من يزني من النساء: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (١). قال مكي بن أبي طالب في الإيضاح: كان الله جل ذكره قد فرض في الزانين المحصنين إذا شهد عليهما بالزنا أربعة شهود أن يحبسا في البيت حتى يموتا أو يجعل الله لهما سبيلاً، فجعل الله السبيل بالرجم، المتواتر نقله، الثابت حكمه للمنسوخ تلاوته.

٥٨ - * روى البخاري عن صفوان بن يعلي بن أمية، أني يعلي كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعُرانة وعليه ثوب قد أظل عليه ومعه الناس من أصحابه، إذ جاءهُ رجل متضمخٌ بطيب فقال: يا رسول الله: كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فجاءه الوحي: فأشار عمر إلى يعلي أي تعال، فجاء يعلي فأدخل رأسه، فإذا هو محمرُّ الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سرى عنه فقال: أين الذي يسألني عن العمرة آنفاً؟ فلا تمس الرجل فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجُبة فأنزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك".

ذكرنا هذه النصوص ههنا للتعريف على ظاهرة الوحي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ظاهرة لا تشبه أي ظاهرة من الظواهر التي علل بها الكافرون لحدوثها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن تعليلاتهم حقد خالص، فمن يصدق أن ظاهرة مرضية من الظواهر التي يزعمون أن يخرج على أثرها نص كنصوص القرآن؟

وقد ناقش الأستاذ البوطي في كتابه فقه السيرة المشككين في ظاهرة الوحي ثم قال:


(١) النساء: ١٦.
٥٨ - البخاري (٩/ ٩) ٦٦ - كتاب فضائل القرآن - ٣ - باب نزول القرآن بلسان قريش والعرب.
ومسلم (٢/ ٨٣٧) ١٥٠ - كتاب الحج - ١ - باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>