للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هشام، عن ابن سيرين، قال: خرج زيد بن ثابت يريد الجمعة، فاستقبل الناس راجعين، فدخل دارًا، فقيل له. فقال: إنه من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله (١).

ومن جلالة زيد: أن الصديق اعتمد عليه في كتابة القرآن العظيم في صحف، وجمعه من أفواه الرجال، ومن الأكتاف والرقاع، واحتفظوا بتلك الصحف مدة، فكانت عند الصديق؛ ثم تسلمها الفاروق، ثم كانت بعد عند أم المؤمنين حفصة، إلى أن ندب عثمان زيد بن ثابت ونفرًا من قريش إلى كتابه هذا المصحف العثماني الذي به الآن في الأرض أزيد من ألفي ألف نسخة، ولم يبق بأيدي الأمة قرآن سواه؛ ولله الحمد.

حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن [السلمي]، قال: لم أخالف عليًا في شيء من قراءته، وكنت أجمع حروف علي، فألقى بها زيدًا في المواسم بالمدينة. فما اختلفا إلا في "التابوت" كان زيد يقرأ [الحرف الأخيرٍ بالهاء وعلي بالتاء.

عن مكحول: أن عبادة بن الصامت دعا نبطيًا يمسك دابته عند بيت المقدس، فأبى. فضربه، فشجه. فاستعدى عليه عمر. فقال: ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟ قال: أمرته، فأبى؛ وأنا في حدة، فضربته. فقال: اجلس للقصاص. فقال زيد بن ثابت: أتقيد لعبدك من أخيك؟ فترك عمر القود، وقضى عليه بالدية (٢).

عن عمار بن أبي عمار، قال: لما مات زيد، جلسنا إلى ابن عباس في ظل، فقال: هكذا ذهاب العلماء، دفن اليوم علم كثير (٣).

وفيه يقول حسان بن ثابت:

فمن للقوافي بعد حسان وابنه ... ومن للمثاني (٤) بعد زيد بن ثابت


(١) وذلك لأن زيدًا رضي الله عنه كان في منطقة لا يسمع الآذان فيها.
(٢) ورواه البيهقي في السفن الكبرى (٨/ ٣٢) ورجاله ثقات.
(٣) ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/ ٣٦١) والحاكم في المستدرك (٣/ ٤٢٨) والطبراني الكبير (٥/ ١٠٨) ورجاله ثقات.
(٤) المثاني: القرآن وسمي بذلك لأن المعاني تثنى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>