للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقه، وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسل لما كبر وثقل خفف بعض ما كان يلزم به نفسه من قبل ولو أن عبد الله فعل ذلك لما كان عليه من حرج، ولكن التزامه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله يستشعر أن عليه أن يبقى على الحالة التي فارقه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من باب الورع ولم يكن واجباً في حقه، ومن كلامه نأخذ درساً ألا يضيق الإنسان على نفسه فيما وسعت به الشريعة، ونخص بالتذكير بعض الطبقات التي تتعامل مع المباح وكأنه فريضة أو ومع خلاف الأولى وكأنه محرم، فهؤلاء لهم أجرهم ولكنهم يضيقون واسعاً إذا كانوا أئمة يقتدي بهم أو يلتزم الناس بأوامرهم.

٢٢١٦ - * روى أحمد عن حنظلة بن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي الله عنه، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسوله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" فقال معاوية: يا عمرو ألا تغني عنا مجنونك، فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فقال: "أطع أباك مادام حياً" فأنا معكم، ولست أقاتل.

أقول: أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ههنا عام، ومن ورع عبد الله أنه حمل العموم على عمومه، ولكن مقتضى الفتوى أن ما يخصص العام تخصيصاً لا ليس فيه فإن على المسلم أن يأخذ به، وفي الواقعة التي نحن فيها كان مقتضي الفتوى ألا يكون عبد الله مع جند معاوية بل أن يكون مع جند علي، فكان الواجب عليه أن يأخذ بهذا الخصوص الواضح البين، ولكنه اجتهد فحمل العام على عمومه، فنرجو أن يكون مأجورا إن شاء الله.

٢٢١٧ - * روى ابن سعد عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: مالي ولصفين، مالي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة - أو قال بعشر سنين - أما والله على ذلك ما ضربت بسيف، ولا رميت بسهم. وذكر أنه كانت الراية بيده.


٢٢١٦ - أحمد في مسنده (٢/ ١٦٤) وإسناده صحيح.
٢٢١٧ - الطبقات الكبرى (٤/ ٢٦٦) ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>