للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الله في أسفل مكة. فعمدنا إليه، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاث مئة راحلة، منها مئة راحلة ومئتا زاملة (١) وكنا نحدث أنه أشد الناس تواضعاً. فقلنا: ما هذا؟ قالوا: لإخوانه يحملهم عليها ولمن ينزل عليه، فعجبنا، فقالوا: إنه رجل غني، ودلونا عليه أنه في المسجد الحرام، فأتيناه، فإذا هو رجل قصير أرمص (٢)، بين بردين وعمامة، قد علق نعليه في شماله.

عن سليمان بن الربيع قال: انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدللنا على عبد الله بن عمرو، فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاث مئة راحلة. فقلنا: على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟ قالوا: نعم. هو ومواليه وأحباؤه. قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة وليس عليه قميص.

عن عبيد بن سعيد: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو المسجد الحرام، والكعبة محترقة حين أدبر جيش حصين بن نمير، والكعبة تتناثر حجارتها. فوقف وبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه. فقال: أيها الناس! والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم، ومحرقو بيت ربكم، لقلتم: ما أحد أكذب من أبي هريرة. فقد فعلتم، فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعاً، ويذيق بعضكم بأس بعض.

وقد أسلم عبد الله وهاجر بعد ستة سبع، وشهد بعض المغازي.

قال أبو عبيد: كان على ميمنة جيس معاوية يوم صفين. وذكره خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة. قال: ثم عزله وولى المغيرة بن شعبة.

ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري، فكان من ملوك الصحابة. قال قتادة: كان رجلاً سميناً.


(١) الراحلة من الإبل: البعير النجيب القوي على الأسفار والأحمال. الذكر والأنثى فيه سواء. وهي التي يختارها الرجل لمركبه، والهاء فيه للمبالغة في الصفة كما يقال: رجل داهية وبافعة وعلامة، والزاملة: بعير يستظهر به الردل، يحمل عليه متاعه وطعامه.
(٢) الرمص: قذى في عينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>