للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن عروة، قال: سببت ابن فريعة عند عائشة، فقالت: يا ابن أخي، أقسمت عليك لما كففت عنه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (١)

أقول: وفي منع ابن أختها من سب حسان مع دوره في حادثة الإفك دليل على أن المسلم لا يحقد ويمتنع عن أن يشفي قلبه من غيظ الغيبة منه أو من غيره، وهو خلق عز في عصرنا وقل أصحابه.

عمر بن حوشب، عن عطاء بن أبي رباح، سمعه يقول: دخل حسان على عائشة، بعدما عمي، فوضعت له وسادة، فدخل أخوها عبد الرحمن، فقال: أجلستيه على وسادة، وقد قال ما قال؟ - يريد: مقالته نوبة الإفك - فقالت: إنه - تعني أنه كان يجيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشفي صدره من أعدائه، وإني لأرجو ألا يعذب في الآخرة.

وروي عن عائشة قالت: قدد رسول الله المدينة، فهجته قريش، وهجوا معه الأنصار. فقال لحسان: "اهجهم، وإني أخاف أن تصيبني معهم بهجو بني عمي".

قال: لأسلنك منهم سل الشعرة من العجين، ولي مقول يفري ما لا تفريه الحربة. ثم أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع (٢) بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه.

عن أبي سلمة: أن حسان قال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني هذا. ثم أطلع لسانه، كأنه لسان حية.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن فيهم نسباً، فائت أبا بكر، فإنه أعلم قريش بأنسابها، فيخلص لك نسبي". قال: والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم ومسبك سل الشعرة من


(١) رواه البخاري (١٠/ ٥٤٦) ٨٧ - كتاب الأدب - ٩١ - باب هجاء المشركين.
ومسلم (٤/ ١٩٣٢) ٤٤ - كتاب فضائل الصحابة - ٣٤ - فضائل حسان بن ثابت.
(٢) شجاع: الحية الذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>