للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له قربة، فجعلها في صدره، ثم سبح عليها حتى خرج إلى مكان الملتقى، وحضر، فدعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، واستوسق (١) له أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة (٢).

عن عمير بن إسحاق أن جعفرًا قال: يا رسول الله ائذن لي حتى أصير إلى أرضٍ أعبد الله فيها، فأذن له، فأتى النجاشي. فحدثنا عمرو بن العاص قال: لما رأيت جعفرًا آمنًا بها هو وأصحابه حسدته، فأتيت النجاشي، فقلت: إن بأرضك رجلاً ابن عمه بأرضنا يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد، وإنك إن لم تقتله وأصحابه لا أقطع إليك هذه النطفة أبدًا ولا أحد من أصحابي. قال: اذهب إليه، فادعه. قلت: إنه لا يجيء معي، فأرسل معي رسولاً. فأتيناه وهو بين ظهري أصحابه يحثهم. قال له: أجب. فلما أتينا الباب ناديت: ائذن لعمرو بن العاص، ونادى جعفر: ائذن لحزب الله. فسمع صوته، فأذن له قبلي (٣).

وحدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي: فارقت ديننا. وخرجوا عليه، فأرسل إلى جعفر وأصحابه، فهيأ لهم سفنًا، وقال: اركبوا، فإن هزمت، فامضوا، وإن ظفرت فاثبتوا. ثم عمد إلى كتاب، فكتب فيه: هو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ويشهد أن عيسى عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم. ثم جعله في فبئه، وخرج إلى الحبشة، وصفوا له، فقال: يا معشر الحبشة: ألست أحق الناس بكم؟ قالوا: بلى. فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟ قالوا: خير سيرة، قال: فما بالكم؟ قالوا: فارقت ديننا، وزعمت أن عيسى عبد. قال: فما تقولون فيه؟ قالوا: هو ابن الله، فقال -ووضع يده على صدره على قبائه- هو يشهد أن عيسى، لم يزد على هذا شيئًا، وإنما عني على ما كتب، فرضوا، وانصرفوا. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم،


(١) استوثق: استقر.
(٢) ورواه أحمد (١/ ٢٠١، ٢١٠) وابن هشام وصرح ابن إسحاق بالسماع وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٢٤) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وإسناده قوي.
(٣) رواه البزار: كشف الأستار (٢/ ٢٩٧) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد مطولاً (٦/ ٢٩) وقال: رواه الطبراني والبزار: وعمير بن إسحاق وثقه ابن حبان وغيره، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح.
النطفة: الماء القليل والمراد هنا: البحر الأحمر، أي أنهم لا يأتون إليه أبدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>