للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٨ - * روى مسلم عن قبيصة بن مُخارق وزهير بن عمرو رضي الله عنهما قالا: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} انطلق إلى روضة من جبلٍ فعلا أعلاها حجراً، ثم نادى: "يا بني عبد منافاه إني نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجلٍ رأى العدو، فانطلق يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه، فجعل يهتفُ: يا صباحاه".

يغفل كثير من الدعاة عن تذكير أسرهم وأهليهم وعشيرتهم وأقاربهم، وهذا مجافٍ للفطرة ولفقه الدعوة ولسنة الدعوة فعلى الداعية إلى الله أن يخص أرحامه وأقاربه ببعض الوقت لدعوتهم وتعليمهم وتربيتهم.

إن أصل الفطرة أن يحب الإنسان أقاربه وأرحامه، وأن يحرص على ما ينفعهم وأن يبعد عنهم ما يضرهم، والداعية إلى الله همه الأول أن ينقذ الناس من النار، فإذا ما أهمل أقرب الناس إليه، فكأنه يدلل على عدم صدقه في دعوته، فإن كان همه الإنقاذ فهؤلاء أولى الناس بالبداءة، أما إذا كان همه الزعامة والرئاسة وهؤلاء مطمئن لموقفهم منه فهذه كارثة، أو كان لا تحركه نحوهم عاطفة خاصة فهذا مجاف للفطرة، المهم أن كل داعية لابد أن يخص أهله وأقاربه بمزيد عناية ابتداءاً أو توسطاً أو انتهاءاً، والابتداء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال السباعي: إن على الداعية أن يهتم بأقربائه، فيبلغهم دعوة الإصلاح. فإذا أعرضوا، كان له عذر أمام الله والناس، عما هم عليه من فساد وضلال.

٨٩ - * روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي: "يا بني فهرٍ، يا بني عديٍ" - لبطون قريش - حتى اجتمعوا. فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً، لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي،


٨٨ - مسلم (١/ ١٩٢) ١ - كتاب الإيمان - ٨٩ - باب في قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين).
رضة: الرُضة: واحدة الرضم: وهي الحجارة والصخور بعضها على بعض. يربأ: الربيئة: الذي يحرسُ القوم، ويتطلع لهم، خوفاً من أن يكبسهم العدو. يا صباحاه: كلمة يقولها الملهوف والمستغيث.
٨٩ - البخاري (٨/ ٥٠١) ٦٥ - كتاب التفسير - ٢ - باب (وأنذر عشيرتك الأقربين). تباً لك: التبُّ: الهلاك: أي هلاكاً لك، وهو منصوب بفعل مضمر. البطحاء: الأرض المستوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>