للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعاً إلى مكة حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر (من الجن) من الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى، فاستمعوا له. فلما فرغ من صلته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا.

وقد قص الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} (١) إلى قوله: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٢) وقوله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} (٣) الآيات.

ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومعه زيد بن حارثة - يريد دخول مكة، فقال له زيد: كيف تخل عليهم يا رسول الله وهم أخرجوك؟ فقال: "يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه" ثم أرسل رجلاً من خزاعة إلى مطعم بن عدي يخبره أنه داخل مكة في جواره. فاستجاب مطعم لذلك، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة.

أقول: دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بجوار المطعم بن عدي ثابت ومما يدل على ثبوت هذا:

١٤٠ - * روى البخاري عن جُبير بن مُطعمٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أُسارى بدرٍ: "لو كان المطعمُ بن عدي حياً، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له".

قال سفيان: وكانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد، وكان أجزى الناس باليد.

وقال ابن حجر:

وبيَّن ابن شاهين من وجه آخر السبب في ذلك، وأن المراد باليد المذكورة ما وقع منه حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف ودخل في جوار المطعم بن عدي، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة، وكذلك أوردها الفاكهي بإسناد حسن مرسل. فإذا ثبت ذلك فيكون هذا أصلاً كبيراً من أصول الحركة للدعوة الإسلامية، فللإسلاميين الحق أن يستفيدوا


(١) الأحقاف: ٢٩.
(٢) الأحقاف: ٣٠.
(٣) الجن: ١.
١٤٠ - البخاري (٦/ ٣٤٣) ٥٧ - كتاب فرض الخمس - ١٦ - باب ما منُ النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>