للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أُسري، قال: "بينما أنا في الحطيم - وربما قال: في الحِجر - مُضطجعاً - إذ أتاني آتٍ فقد - فقال: وسمعته يقول: فشق - ما بين هذه إلى هذه، فقلت للجارود، وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته، وسمعته يقول: من قصه إلى شعرته، فاستخرج قلبي، ثم أُتيتُ بطستٍ من ذهب مملوءةٍ إيماناً، فغُسل قلبي، ثم حُشي، ثم أعيد، ثم أتيتُ بدابةٍ، دون البغل وفوق الحمار أبيض، فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ فقال أنس: نعم يضع خطوهُ عند أقصى طرفه، فحملتُ عليه، فانطلق بين جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح، فقيل: منْ هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومَنْ معك؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيءُ جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فرد السلام، وقال: مرحباً بالابن الصالح، والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمدٌ، قيل وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فرداً، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومَنْ


= إذ أتاني آت: هو جبريل عليه السلام. ثغرة النحر: الثغرة: النقرة التي بين الترقوتين. القص: رأس الصدر، وقيل: وسطه.
قال الحافظ في الفتح: قوله "إيماناً" زاد في بدء الخلق "وحكمة" وهما بالنصب على التمييز، قال النووي: معناه أن الطست كان فيها شيء يحصل به زيادة كمال الإيمان وكمال الحكمة وهذا الملء يحتمل أن يكون على حقيقته، وتجسيد المعاني جائز كما جاء أن سورة البقرة تجيء يوم القيامة كأنها ظلة، والموت في صورة كبش، وكذلك وزن الأعمال وغير ذلك من أحوال الغيب. وقال البيضاوي: لعل ذلك من باب التمثيل، إذ تمثيل المعاني قد وقع كثيراً، كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط، وعائدته كشف المعنوي بالمحسوس. وقال ابن أبي حمرة: فيه أن الحكمة ليس بعد الإيمان أجل منها، ولذلك قرنت معه، ويؤيده قوله تعالى: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا) وأصح ما قيل في الحكمة أنها وضع الشيء في محله، أو الفهم في كتاب الله، فعلى التفسير الثاني قد توجد الحكمة دون الإيمان وقد لا توجد، وعلى الأول فقد يتلازمان لأن الإيمان يدل على الحكمة. أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>