وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مع الإثنى عشر رجلاً مصعب بن عمير العبدري، وقيل بعثه إليهم بعد ذلك بطلبهم ليفقههم ويقرئهم، فنزل على أسعد بن زرارة، فروى أبو داود من طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: كان أبي إذا سمع الأذان للجمعة استغفر لأسعد بن زرارة، فسألته، فقال: كان أول من جمع بنا بالمدينة. وللدارقطني من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مصعب بن عمير أن أجمع بهم. أهـ، فأسلم خلق كثير من الأنصار على يد مصعب بن عمير بمعاونة أسعد بن زرارة حتى فشا الإسلام بالمدينة، فكان ذلك سبب رحلتهم في السنة المقبلة، حتى وافى منهم العقبة سبعون مسلماً وزيادة، فبايعوا كما تقدم.
١٧٣ - * روى الإمام أحمد عن جابر قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكة عشر سنين يتبعُ الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وفي الموسم بمنى يقول: "من يؤويني، من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟ " حتى إن الرجل ليخرج من اليمن - أو من مضر كذا قال - قال: فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك. ويمشي بين رجالهم، وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله إليه من يثرب، فآويناهُ، وصدقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلبُ إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يُظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعاً فقلنا حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطردُ في جبال مكة ويخاف، فرحل إليه سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدنا شعب العقبة، فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله نبايعك: قال: "تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العُسر واليُسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائمٍ وعلى أنْ تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكمُ
١٧٣ - أحمد في مسنده (٣/ ٣٢٢، ٣٣٩)، البزار: في كشف الأستار (٢/ ٣٠٧)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٤٦) وقال: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح.