للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقته، ثم زيد زيادة كثيرة فيما بعد، وزيد من جهة القبلة حتى صارت الروضة والمنبر بعد الصفوف المقدمة كما هو المشاهد اليوم.

وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم حول مسجده الشريف حُجَر لتكون مساكن له ولأهله، وكانت مساكن قصيرة البناء قريبة الفناء. قال الحسن بن أبي الحسن البصري - وكان غلاماً مع أمه خيرة مولاة أم سلمة -: لقد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي صلى الله عليه وسلم بيدي. قلت: إلا أنه قد كان الحسن البصري شكلا (١) ضخماً طُوالاً رحمه الله.

وقال السُّهيلي في الروض: كانت مساكنه عليه السلام مبنية من جريد عليه طين بعضها من حجارة مرضومة وسقوفها كلها من جريد، وقد حكى عن الحسن البصري ما تقدم، قال: وكانت حُجَره من شعر مربوطة بخشب من عرعر. قال وفي تاريخ البخاري أن بابه عليه السلام كان يقرع بالأظافير، فدل على أنه لم يكن لأبوابه حلق. أهـ.

٢٤٢ - * روى الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا ننقل اللبِن للمسجد لبِنة لبنةً وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فنفض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأسه وقال: "ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغيةُ".

قال ابن كثير في البداية والنهاية: وهذا الحديث من دلائل النبوة حيث أخبر صلوات الله وسلامه عليه عن عمار أنه تتقله الفئة الباغية، قد قتله أهل الشام في وقعة صفين وعمار مع علي وأهل العراق ما سأتي بيانه وتفصيله في موضعه، وقد كان عليِّ أحق بالأمر من معاوية، ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرُهم كما يحاوله جهلة الفرقة الضالة من الشيعة وغيرهم؛ لأنهم وإن كانوا بغاة في نفس الأمر فإنهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيباً، بل المصيب له أجران والمخطئ له أجر، ومن زاد في هذا الحدث بعد تقتلك الفئة الباغية - لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة - فقد افترى في هذه الزيادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يقلها إذ لم تنقل من طريق تقبل، والله


(١) الشكِل: ما لونه أبيض خالطته حمرة.
٢٤٢ - أورده الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٢٩٦) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>