العباد بربهم وصلاً يتجدد مع الزمن، ويتكرر مع آناء الليل والنهار، فلا قيمة لحضارة تذهل عن الإله الواحد، وتجهل اليوم الآخر، وتخلط المعروف بالمنكر!.
والحضارة التي جاء بها الإسلام، تذكُّر أبداً بالله وبلقائه وتمسك بالمعروف وتبغض في المنكر، وتقف على حدود الله ... أهـ.
وقال الدكتور السباعي حول بناء المسجد: من وقائع الهجرة إلى المدينة تبين لنا أنه صلى الله عليه وسلم ما أقام بمكا إلا كان أول ما يفعله بناء مسجد يجتمع فيه المؤمنون فقد أقام مسجد قباء حين أقام فيها أربعة أيام، وبنى مسجداً في منتصف الطريق بين قباء والمدينة لما أدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن الوادي "وادي رانوناء".
فلما أن وصل إلى المدينة، كان أول عمل عمله بناء مسجد فيها.
وهذا يدلنا على أهمية المسجد في الإسلام، وعبادات الإسلام كله تطهير للنفس، وتزكية للأخلاق، وتقوية لأواصر التعاون بين المسلمين، وصلاة الجماعة والجمعة والعيدين، مظهر قوي من مظاهر اجتماع المسلمين، ووحدة كلمتهم، وأهدافهم، وتعاونهم على البر والتقوى، لا جرم أن كان للمسجد رسالة اجتماعية وروحية عظيمة الشأن في حياة المسلمين، فهو الذي يوحد صفوفهم، ويهذب نفوسهم، ويوقظ قلوبهم وعقولهم، ويحل مشاكلهم، وتظهر فيه قوتهم وتماسكهم.
ولقد أثبت تاريخ المسجد في الإسلام أن منه انطلقت جحافل الجيوش الإسلامية لغمر الأرض بهداية الله، ومنه انبعثت أشعة النور والهداية للمسلمين وغيرهم، وفيه ترعرعت بذور الحضارة الإسلامية ونمت، وهل كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وخالد، وسعد، وأبو عبيدة، وأمثالهم من عظماء التاريخ الإسلامي إلا تلامذة المدرسة المحمدية التي كان مقرها المسجد النبويز
وميزة أخرى للمسجد في الإسلام أنه تنبعث منه في كل أسبوع كلمة الحق مدوية مجلجلة على لسان خطيبه، في نكار منكر أو أمر بمعروف، أو دعوة إلى خير، أو إيقاظ من غفلة، أو دعوة إلى تجمع، أو احتجاج على ظالم، أو تحذير لطاغية، ولقد شاهدنا في عهد