أكمله، وهناك تصرفات فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكون منسوخة، ولكن بقى المنحى العام الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّةً ينبغي أخذها بعين الاعتبار، فالحركة الدائمة والتحالفات المستمرة سمتان ينبغي أن تفطن لهما الحركة الإسلامية المعاصرة مع الأخذ بعين الاعتبار الشورى والفتوى والمصلحة الإسلامية العليا.
* إن الذين يشتغلون بالعمل السياسي والعسكري يصبح في حكم البديهي عندهم أن النجاح في المعركة يقتضي أن تقطع طرق الإمداد عن عدوِّك، وأن تخذل عنه ما استطعت، وأن تبقي طرق إمندادك مفتوحة وتجمع حولك ما استطعت، ومن لم تستطع أن تحشده معك فلا أقل أن تُحيده ف يمعركتك مع خصمك الرئيسي، وبقدر نجاح القائد العسكري أو السياسي في مثل هذه الأمور تظهر عبقريته، وقليلون من الساسة والعسكريين هم الذين يستطيعون أن يحققوا هذه المعاني متكاملة دون أن يرتكبوا خطأ، وأقل من القليل الذين يستطيعون أن يفعلوا ذلك دون أن يتناقضوا مع دعواتهم ورسالتهم إن كان لهم دعوة أو رسالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقق هذه المعاني مجتمعة على كمالها وتمامها، فأي شرف لهذا العالم أن يكون فيه مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأي قدوة للإنسان هذا الرسول؟.
* وكل العسكريين والسياسيين يدركون أهمية الحركة الداخلية والخارجية في حياة الشعوب والجيوش كما يدركون أهمية التوعية والتربية والثقافة، ولكن القلة هي التي تقدر على أن توائم بين هذه المعاني فتحققها جميعاً، وأقل من القليل هم الذي تكون توعيتهم وتربيتهم وتثقيفهم حقاً وحركتهم ضمن الحدود التي لا تزيد ولا تنقص عن القدر المطلوب، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حقق هذه المعاني كلها على غاية من الكمال ما كانت لتكن لولا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما حدث في هذه السنة نموذج، ولا يعرف أحد أبعاد هذه المعاني إلا إذا استوعب نصوص الكتاب والسنة واستوعب دروس السيرة.
* ولما كان كثير من مواضيع السيرة تأتي في أمكنة متفرقة من كتب السنة، فنحن ههنا لن نتحدث عن الصغيرة والكبيرة من الحوادث والأحكام فلذلك مقاماته في هذا الكتاب، ولذلك سنقتصر ههنا على أبرز الأحداث.