فجاء اليهود إلى الأطم يلتمسون غرة نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فترقى إنسان من الأطم علينا، فقلت له: يا حسان قم إليه فاقتله، فقال: والله ما كان ذلك في ولو كان ذلك في لكنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: اربط هذا السيف على ذراعي فربطه فقمت إليه، فضربت رأسه حتى قطعته، فقلت له: خذ بأذنيه فارم به عليهم فقال: والله ما ذلك في فأخذت برأسه فرميت به عليهم فتضعضعوا وهم يقولون: قد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهن أحد. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد على المشركين شد حسان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معنا في الحصن. فإذا رجع رجع وراءه كما يرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ثم فمر بنا سعد بن معاذ وقد أخذ صفرة وهو معرس قبل ذلك بأيام وهو يرتجز:
مهلاً قليلاً يلحق الهيجا جمل ... لا بأس بالموت إذا حل الأجل
قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رجلاً أجمل منه في ذلك اليوم.
أقول: ومع تصحيح الحاكم للحديث، وإقرار الذهبي، وحفاظاً على حرمة الصحابة أنقل ما قال السهيلي في الروض الأنف:
وذكر حديث حسان حين جعل في الآطام مع النساء والصبيان، وما قالت له صفية في أمر اليهودي حين قتلته، وما قال لها؛ ومحمل هذا الحديث عند الناس على أن حساناً كان جباناً شديد الجبن، وقد دفع هذا بعض العلماء، وأنكره، وذلك أنه حديث منقطع الإسناد، وقال: لو صح هذا لهجي به حسان، فإنه كان يهاجي الشعراء كضرار وابن الزبعري، وغيرهما، وكانوا يناقضونه ويردون عليه، فما عيره أحد منهم بجبن، ولا وسمه به، فدل هذا على ضعف حديث ابن إسحاق، وإن صح فلعل حسان أن يكون معتلاً في ذلك اليوم بعلة منعته من شهود القتال، وهذا أولى ما تأول وممن أنكر أن يكون هذا صحيحاً أبو عمر رحمه الله في كتاب الدرر له أهـ.
٤٥٧ - * روى الطبراني عن رافع بن خديج: لم يكن حصن أحصن من حصن بني حارث
٤٥٧ - المعجم الكبير (٤/ ٢٦٨) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٣٣): ورجاله ثقات.