للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"كيف تيكم؟ " فذاك يريبني.

ولا أشعر بالشر. حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع. وهو متبرزنا. ولا نخرج إلا إلى ليل. وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا. وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه. وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأم مسطح، وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف. وأمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق. وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب. فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي. حين فرغنا من شأننا. فعثرت أم مسطح في مرطها. فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت. أتسبين رجلاً قد شهد بدراً. قالت: أي هنتاه! أو لم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت، فأخبرتني بقول أهل الإفك. فازددت مرضاً إلى مرضي. فلما رجعت إلى بيتي، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسلم ثم قال "كيف تيكم؟ " قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت، وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما. فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت أبوي فقلت لأمي: يا أمتاه! ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية! هوني عليك. فوالله! لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر، إلا كثرن عليها. قالت قلت: سبحان الله! وقد تحدث الناس (١)


= تيكم: بالمثناه المكسورة، وهي إشارة للمؤنث مثل ذاكم للذكر.
واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض جفاء، ولكنها لما لم تكن تدري السبب ولم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته.
المناصع: المواضع الخالية تقضى فيها الحاجة من الغائط والبول، وأصله: مكان فسيح خارج البيوت، واحدها: منصع.
الكنف: جمع كنيف. وهو الساتر، والمراد به هنا: المكان المتخذ لقضاء الحاجة.
مرطها: المرط: كساء من صوف أو خز يؤتزر به، وجمعه مروط.
تعس: الإنسان: إذا عثر، ويقال في الدعاء على الإنسان: تعس فلان، أي: سقط لوجهه.
هنتاه: يقال: امرأة هنتاه، أي: بلهاء، كأنها منسوبة إلى البله وقلة المعرفة بمكائد الناس وفسادهم.
وضيئة: الوضاءة: الحسن، ووضيئة: فعيلة بمعنى: فاعلة.
قلت سبحان الله: قال الحافظ في الفتح قوله: فقلت: سبحان الله استغاثت بالله متعجبة من وقوع مثل ذلك في حقها مع براءتها المحققة عندها.

<<  <  ج: ص:  >  >>