للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهذا؟ قالت، فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. ثم أصبحت أبكي. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي. يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال: يا رسول الله! هم أهلك ولا نعلم إلا خيراً. وأما علي بن أبي طالب فقال: لم يضيق الله عليك. والنساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال "أي بريرة! هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ " قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً قط أغمصه عليها، أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فاستعذر من عبد الله بن أبي، ابن سلول. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: (١)


= فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة .. : قال الحافظ: ظاهره: أن السؤال وقع بعد ما علمت بالقصة، لأنها عقبت بكاءها تلك الليلة بهذا، ثم عقبت هذا بالخطبة. ورواية هشام بن عروة تشعر بأن السؤال والخطبة وقعا قبل أن تعلم عائشة بالأمر، فإن في رواية هشام عن أبيه عن عائشة لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكر قصة الخطبة الآتية، ويمكن الجمع بأن الفاء في قولها (فدعا) عاطفة على شيء محذوف، تقديره: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد سمع ما قيل، فدعا عليا.
استلبث الوحي: قال الحافظ في الفتح: قوله استلبث الوحي بالرفع: أي طال لبث نزوله، وبالنصب: أي استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزول الوحي.
هم أهلك: قال الحافظ في الفتح: "هم أهلك" أي العفيفة اللائقة بك، ويحتمل أن يكون قال ذلك متبرئاً من المشورة، ووكل الأمر إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لم يكتف بذلك، حتى أخبر بما عنده، فقال (ولا نعلم إلا خيراً) وإطلاق (الأهل) على الزوجة شائع، قال ابن التين أطلق عليها أهلاً، وذكرها بصيغة الجمع، حيث قال: (هم أهلك) إشارة إلى تعميم الأزواج بالوصف المذكور. ا. هـ، ويحتمل أن يكون جمع لإرادة تعظيمها.
قال الكرماني حول قول علي: (لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير): وإنما قال علي رضي الله عنه ذلك: تسهيلاً للأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإزالة لما هو متلبس به، تخفيفاً لما شاهده فيه، لا عداوة لها، حاشاهم عن ذلك.
إن رأيت: ما رأيت فيها مما تسالون عنه شيئاً أصلاً، وأما من غيره: ففيها ما ذكرت من غلبة النوم لصغر سنها، ورطوبة بدنها، قاله الحافظ في (الفتح).
أغمصه: الغمص: العيب.
الداجن: الشاة التي تالف البيت وتقيم به، يقال: دجن بالمكان إذا أقام به.
فاستعذر: يقال: من يعذرني من فلان، أي: من يقوم بعذري إن كافأته على سوء صنيعه، فلا يلومني، واستعذر:

<<  <  ج: ص:  >  >>