للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"دعوهم. يكن لهم بدء الفجور وثناه" فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنزل الله (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) (١) الآية كلها.

قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة. فنزلنا منزلاً. بيننا وبين بني لحيان جبل. وهم المشركون فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي هذا الجبل الليلة. كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثاً. ثم قدمنا المدينة. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنا معه. وخرجت معه بفرس طلحة. أنديه مع الظهر. فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستاقه أجمع. وقتل راعيه.

وهذه القصة الطويلة، سنذكر قسماً منها في الفصل اللاحق وقسماً في غزوة خيبر من السنة السابعة.

٤٩٧ - * روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله فسألنا نافعاً: على أي شيء بايعهم؟ على الموت؟ قال: لا. بل بايعهم على الصبر.

قال في الفتح: وبيان الحكمة في ذلك وهو أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن مشاهداً فيما هو دونها، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله "كانت رحمة من الله" أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى. ويحتمل أن يكون معنى


= يكن لهم بدء الفجور وثناه: البدء هو الابتداء. وأما ثناه فمعناه عودة ثانية. قال في النهاية: أي أوله وآخره والثني الأمر يعاد مرتين.
وهم المشركون: هذه اللفظة ضبطوها بوجهين ذكرهما القاضي وغيره. أحدهما وهم المشركون على الابتداء والخبر. والثاني وهم المشركون، أي هموا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخافوا غائلتهم. يقال: همني الأمر وأهمني. وقيل: همني: أذابني. واهمني: أغمني. وقيل: معناه هم أمر المشركين النبي خوف أن يبيتوهم لقربهم منهم.
بظهره: الظهر الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال.
(١) الفتح: ٢٤.
٤٩٧ - البخاري (٦/ ١١٧) ٥٦ - كتاب الجهاد - ١٠ - باب البيعة في الحرب أن لا يفرو، وقال بعضهم: على الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>