للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها: أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام. فخرجت منهم طائفة، فحاربتهم، وغنمت أموالهم. ولم يتحيزوا إلى الإمام. لم يجب على الإمام دفعهم عنهم. ومنعهم منهم. وسواء دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه. أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم، وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد، جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم، ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد. كما أفتى به شيخ الإسلام في نصارى ملطية وسبيهم، مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين. اهـ.

ومن الأحكام الفقهية كذلك المستنبطة من حادثة الحديبية ما ذكره الدكتور البوطي بقوله:

(الاستعانة بغير المسلمين فيما دون القتال)، قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بسر بن سفيان عيناً إلى قريش ليأتيه بأخبارهم، وبسر بن سفيان كان مشركاً من قبيلة خزاعة. وفي هذا تأكيد لما كنا قد ذكرناه سابقاً من أن أمر الاستعانة بغير المسلم يتبع الظرف وحالة الشخص الذي يستعان به. فإن كان ممن يطمأن إليه ولا تخشى منه بادرة غدر أو خديعة، جازت وإلا فلا. وعلى كل فإن النبي صلى الله عليه وسلم، في كل الحالات، إنما استعان بغير المسلمين بما دون القتال، كإرساله عيناً على الأعداء أو استعارة أسلحة منهم وما شابه ذلك. والذي يبدو أن الاستعانة بغير المسلمين في القضايا السلمية أشبه بالجواز منها في أعمال القتال والحرب.

(التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم)، قلنا، إن عروة بن مسعود، جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، ما يحدون النظر إليه تعظيماً له.

إنها لصورة بارزة حية، وأوضحها عروة بن مسعود لمدى محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له. وإن فيها لدلالات هامة يجب أن يقف عليها كل مسلم.

إنها تدل أولاً على أنه لا إيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم بدون محبة له، وليست المحبة له معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>