الصورة الأولى: أن يكون لكل من الفريقين دعوة ورسالة.
الصورة الثانية: أن يكون لأحد الفريقين دعوة ورسالة وفكرة.
الصورة الثالثة: ألا يكون لكل من الفريقين دعوة ورسالة.
في الصورة الأولى: الفكر الأقوى هو الذي سينتصر إذا أتيح له دعاة متحمسون أقوياء، وفي الصورة الثانية: أصحاب الدعوة هم الرابحون إذا عملوا، وفي الصورة الثالثة: يتساوى الربح والخسارة عند الطرفين إذا تعادلوا باليقظة والسهر. من هنا نقول: إن يوم الحديبية كان ربحاً كله؛ لأنه كان هدنة بين أصحاب دعوة ورسالة وبين ناس ورثوا معاني وألفوها، ولذلك فإن الصف الإسلامي كان يتنامى على حساب الصف الآخر ومن هنا نرى أن أعداد المسلمين تضاعفت مرات بعد صلح الحديبية، وكل ذلك كان على حساب الصف الآخر، وهذه قضية ندر من يفطن لها، بل الغفلة عنها كانت عاملاً من عوامل انحسار الإسلام في عصرنا، فلقد وجدت على الأرض الإسلامية دعوات باطلة، في وقت خبت فيه روح الدعوة عند المسلمين وسكت المسلمون على هذه الدعوات وهادنتها حكومات فكان أن سجلت كثير من هذه الدعوات انتصارات على الأرض الإسلامية وقد ورثنا نحن ذلك والله المستعان.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك شأن آخر بأبي هو وأمي.
٦ - من وجهة النظر السياسية كان صلح الحديبية اعترافاً من مكة بدولة المدينة، واعترافاً من قريش بسلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر مباشرة إرساله الرسائل للملوك والأمراء فحقق بهذا أكثر من هدف: دعا هؤلاء إلى الله وهذا هو الهدف الأكبر، أشعر من لم يشعر من هؤلاء بوجوده، ليفكروا بتحديد موقف من الدين الجديد والدولة الناشئة، وضع أساساً للحركة السياسية والعسكرية المقبلتين في حياته أو بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، أخرج الدعوة من إطارها العربي إلى إطارها العالمي.
٧ - ليس هناك من واجب على الحاكم يعدل واجب توفير الأمن للمواطن على عرضه وماله وحياته، ومن عرف جزيرة العرب في الجاهلية وطبيعة بداوتها وقسوة الحياة فيها