للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية (١) قال: صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياء: على أن من أتاه من المشركين رده إليهم، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه، وعلى أن يدخلها من قابل، ويقيم بها ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح - السيف ولاقوس ونحوه - فجاء أبو جندل يحجل في قيوده، فرده غليهم.

- وفي أخرى (٢): أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة، فاشترطوا عليه: أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو منهم أحداً، قال: فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله، لم نمنعك، ولتابعناك. ولكن اكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، فقال: "أنا والله محمد بن عبد الله، وأنا والله رسول الله" قال: وكان لا يكتب قال، فقال لعلي: "امح رسول الله" فقال علي: والله لا أمحاه أبداً، قال: "فأرنيه". قال: فأراه إياه، فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فلما دخل ومضت الأيام أتوا علياً، فقالوا: مر صاحبك فليرتحل، فذكر ذلك علي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "نعم". فارتحل.

وفي أخرى (٣): ثم قال لعلي: "امح رسول الله" قال: لا، والله لا أمحوك أبداً، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ... الحديث. وفيه ذكر بنت حمزة، والأخذ لها، والخصومة فيها.

قال في الفتح: قوله (ثم قال لعلي: امح رسول الله) أي امح هذه الكلمة المكتوبة من


= وقال الأزهري: القراب: غمد السيف، والجلبان: شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغموداً، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه في آخرة الرحل، أو واسطته، وكأن اشتقاقه من الجلبة، وهي الجلدة التي تجعل على القتب، وهي كالغشاء للقراب، وكذلك الجلة التي تغشى بها التميمة تسمى جلباناً، وقال ابن قتيبة "جلبان"، بضم الجيم واللام وتشديد الباء، قال: ولا أراه سمي بذلك إلا لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية: جلبانة وفي بعض الروايات "ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح: السيف، والقوس ونحوهما" يريد: ما كان مغمداً يحتاج في إظهاره إلى معاناة، لا بالرماح والقنا، لأنها أسلحة مظهرة يمكن تعجيل الأذى بها، قال الهروي: والقول ما قال الأزهري.
(١) البخاري (٥/ ٣٠٤) ٥٣ - كتاب الصلح - ٧ - باب الصلح مع المشركين.
(٢) البخاري (٦/ ٢٨٢) ٥٨ - كتاب الجزية والموادعة - ١٩ - باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم.
(٣) البخاري (٥/ ٣٠٣) ٥٣ - كتاب الصلح - ٦ - باب كيف يكتب "هذا ما صالح فلان بن فلان فلان بن فلان".

<<  <  ج: ص:  >  >>