للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاستقبلنا بالسهام، ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بزمامها، وهو - أي النبي صلى الله عليه وسلم - يقول:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

وفي رواية لهما وللترمذي (١) قال: قال له رجل: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عمارة؟ قال: لا والله، ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ولى سرعان الناس؟ تلقتهم هوازن بالنبل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بلجامها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

قال في الفتح: قوله (أما أنا فأشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يول) تضمن جواب البراء إثبات الفرار لهم، لكن لا على طريق التعميم، وأراد أن إطلاق السائل يشمل الجميع حتى النبي صلى الله عليه وسلم لظاهر الرواية الثانية، ويمكن الجمع بين الثانية والثالثة بحمل المعية على ما قبل الهزيمة فبادر إلى استثنائه ثم أوضح ذلك، وختم حديثه بأنه لم يكن أحدي ومئذ أشد منه صلى الله عليه وسلم. قال النووي: هذا الجواب من بديع الأدب، لأن تقدير الكلام فررتم كلكم، فيدخل فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال البراء: لا والله ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن جرى كيت وكيت، فأوضح أن فرار من فر لم يكن على نية الاستمرار في الفرار، وإنما انكشفوا من وقع السهام.

وأما نسبته إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر، بخلاف عبد الله فإنه مات شاباً، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، كما قال ضمان بن ثعلبة لما قدم: أيكم ابن عبد المطلب؟ وقيل لأنه كان اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو إلى الله ويهدي الله الخلق على يديه ويكون خاتم الأنبياء، فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان


(١) البخاري (٦/ ٧٥) ٥٦ - كتاب الجهاد - ٦١ - باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء.
ومسلم نحوها في نفس الموضع السابق.
والترمذي (٤/ ١٩٩) ٢٤ - كتاب الجهاد - ١٥ - باب ما جاء في الثبات عند القتال. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>