وفي رواية (١): طرف من هذا الحديث، وفيها زيادة معنى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهاراً في الضحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه.
قال محقق الجامع: في هذا الحديث فوائد كثيرة، منها: إباحة الغنيمة لهذه الأمة، إذ قال: يريدون عيراً لقريش، وفضيلة أهل بدر والعقبة، والمبايعة مع الإمام، وجواز الحلف من غير استحلاف، وتورية المقصد إذا دعت إليه ضرورة، والتأسف على ما فات من الخير، وتمني المتأسف عليه، ورد الغيبة، وهجران أهل البدعة، وأن للإمام أن يؤدب بعض أصحابه بإمساك الكلام عنه، واستحباب صلاة القادم، ودخوله المسجد أولاً، وتوجه الناس إليه عند قدومه، والحكم بالظاهر وقبول المعاذير، واستحباب البكاء على نفسه، وأن مسارقة النظر في الصلاة لا تبطلها، وفضيلة الصدق، وأن السلام ورده كلام، وجواز دخول بستان صديقه بغير إذنه، وأن الكتابة لا يقع بها الطلاق ما لم ينوه. وإيثار طاعة الله ورسوله على مودة القريب، وخدمة المرأة لزوجها، والاحتياط بمجانبة ما يخاف منه الوقوع في منهي عنه، إذ إن كعباً لم يستأذن في خدمة امرأته لذلك، وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى إذا كان لمصلحة، واستحباب التبشير عند تجدد النعمة واندفاع الكربة، واجتماع الناس عند الإمام في الأمور المهمة، وسروره بما ينسر أصحابه، والتصدق بشيء عند ارتفاع الحزن، والنهي عن التصدق بكل المال عند خوف عدم الصبر، وإجازة التبشير بخلعة، وتخصيص اليمين بالنية، وجواز العارية ومصافحة القادم، والقيام له، واستحباب سجدة الشكر، والتزام مداومة الخير الذي انتفع به.
فائدة: قال الدكتور السباعي:
وفي غزوة تبوك أو العسرة آيات بينات على ما يفعله الإيمان الصادق في نفوس المؤمنين من إثارة عزائمهم للقتال واندفاع أيديهم في بذل المال ومن استعذابهم الحر والعناء والتعب
(١) مسلم (١/ ٤٩٦) ٦ - كتاب صلاة المسافرين وقصرها - ١٢ - باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه.