للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".

٧٤٤ - * روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه من حيث علمتم، فدعا ذات يوم، فأدخله معهم، قال: فما رئيت أنه دعاني يومئذ، إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله تعالى: (إذا جاء نصر الله والفتح) (١) فقال بعضهم: أمرنا نحمد الله ونستغفره، إذا نصرنا وفتح علينا،


= تعهد: عهد إليه بكذا يعهد: إذا أوصى إليه.
الراشدين: الراشد: اسم فاعل من رشد يرشد، ورشد يرشد رشداً، وهو خلاف الغي، وأرشدته أنا: إذا هديته.
المهديين: المهدي: الذي قد هداه الله إلى الحق، هداه يهديه فهو مهدي، والله هاديه.
وإن عبداً حبشياً: أي: أطع صاحب الأمر، واسمع له، وإن كان عبداً حبشياً، فحذف "كان" وهي مرادة.
وعضوا عليها بالنواجذ: النواجذ: الأضراس التي بعد الناب، جمع ناجذ، وهذا مثل في شدة الاستمساك بالأمر، لأن العض بالناجذ عض بمعظم الأسنان التي قبلها والتي بعدها.
الهدي: بفتح الهاء وسكون الدال: الطريقة والسيرة.
محدثات الأمور: ما لم يكن معروفاً في كتاب ولا سنة ولا إجماع.
بدعة: الابتداع: إذا كان من الله وحده فهو إخراج الشيء من العدم إلى الوجود، وهو تكوين الأشياء بعد أن لم تكن، وليس ذلك إلا إلى الله تعالى، فأما الابتداع من المخلوقين، فإن كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله، فهو في حيز الذم والإنكار، وإن كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه أو رسوله، فهو في حيز المدح، وإن لم يكن مثاله موجوداً، كنوع من الجود والسخاء، وفعل المعروف، فهذا فعل من الأعمال المحمودة لم يكن الفاعل قد سبق إليه، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جعل له في ذلك ثواباً فقال: "من سن سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها" وقال في ضده: من سن سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" (أخرجه مسلم ٢/ ٧٠٥) وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله، ويعضد ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح: نعمت البدعة هذه، لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح، سماها بدعة ومدحها، وهي - وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها - إلا أنه تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس عليها، فمحافظة عمر عليها، وجمعه الناس لها، وندبهم إليها، بدعة، لكنها بدعة محمودة ممدوحة. قاله ابن الأثير.
٧٤٤ - البخاري (٨/ ٧٣٤) ٦٥ - كتاب التفسير - ٤ - باب قوله: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً).
(١) النصر: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>