يَخُصَّ مَنْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: ١٤] {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: ١٥] {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦] .
(وَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةً تَلْزَمُهُ) كَمُؤْنَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ قَرِيبٍ أَثِمَ، لِحَدِيثِ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» إلَّا أَنْ يُوَافِقَهُ عِيَالُهُ عَلَى الْإِيثَارِ، فَهُوَ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ إلَى فَقِيرٍ فِي السِّرِّ» وَالْمُرَادُ: جُهْدُ الْمُقِلِّ بَعْدَ حَاجَةِ عِيَالِهِ، وَمَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ جُهْدُهُ. (أَوْ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ) بِ (غَرِيمِهِ أَوْ) بِ (كَفِيلِهِ) بِسَبَبِ صَدَقَتِهِ (أَثِمَ) ، لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
(وَمَنْ أَرَادَهَا) ، أَيْ: الصَّدَقَةَ، (بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَلَهُ عَائِلَةٌ لَهُمْ كِفَايَةٌ، أَوْ) لَهُ عَائِلَةٌ (يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ) ، فَلَهُ ذَلِكَ، لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ، (أَوْ) كَانَ (وَحْدَهُ) لَا عِيَالَ لَهُ، (وَيَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ) عَنْ الْمَسْأَلَةِ، (فَلَهُ ذَلِكَ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لِعِيَالِهِ كِفَايَةٌ وَلَمْ يَكْفِهِمْ بِمَكْسَبِهِ، (حَرُمَ) ، وَحُجِرَ عَلَيْهِ لِإِضَاعَةِ عِيَالِهِ، وَلِحَدِيثِ: «يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ: هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ؟ ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَكَذَا إنْ كَانَ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ. (وَكُرِهَ لِمَنْ لَا صَبْرَ) لَهُ عَلَى الضِّيقِ (أَوْ لَا عَادَةَ) لَهُ (عَلَى الضِّيقِ أَنْ يَنْقُصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ نَوْعُ إضْرَارٍ بِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ لِيَتَصَدَّقَ. (قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ) فِي كِتَابِهِ " السِّرُّ الْمَصُونُ ": الْأَوْلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute