شَعْرِ الرَّأْسِ (بِلَا مَسْحٍ، وَلَوْ) كَانَ التَّرْكُ (لِلْمَشَقَّةِ) ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ. وَإِنْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِمَا يَسْتُرُهُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ مَسَحَ عَلَى خِرْقَةٍ فَوْقَ رَأْسِهِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْوُضُوءِ إزَالَةُ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ وَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَهُ، أَوْ غَسَلَ عُضْوًا ثُمَّ قَطَعَ مِنْهُ جُزْءًا، أَوْ جِلْدَةً لَمْ يُؤَثِّرْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَمَّا تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْجَبِيرَةِ وَالْخُفِّ. وَإِنْ تَطَهَّرَ بَعْدَ حَلْقِ رَأْسِهِ، أَوْ قَطَعَ جُزْءًا أَوْ جِلْدَةً مِنْ عُضْوٍ، غَسَلَ أَوْ مَسَحَ مَا ظَهَرَ، لِأَنَّ الْحُكْمَ صَارَ لَهُ دُونَ الذَّاهِبِ. (وَهُوَ) - أَيْ: الرَّأْسُ - (مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ) ، أَيْ: مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا (إلَى مَا يُسَمَّى قَفًا) بِالْقَصْرِ، وَهُوَ: مُؤَخَّرُ الْعُنُقِ، (وَالْبَيَاضُ فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ) - أَيْ: الرَّأْسِ - فَيَجِبُ مَسْحُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ (يُمِرُّ نَدْبًا يَدَيْهِ مِنْ مُقَدِّمِهِ) أَيْ الرَّأْسِ (إلَى قَفَاهُ) حَالَ كَوْنِهِ (وَاضِعًا طَرَفَ إحْدَى سَبَّابَتَيْهِ عَلَى طَرَفِ الْأُخْرَى، وَ) وَاضِعًا (إبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا) إلَى مُقَدِّمِهِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَرُدُّهُمَا، (وَلَوْ خَافَ نَشْرَ شَعْرِهِ) بِذَلِكَ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": هَذَا الْمَذْهَبُ (بِمَاءٍ وَاحِدٍ) ، فَلَا يَأْخُذُ لِلرَّدِّ مَاءً آخَرَ، لِعَدَمِ وُرُودِهِ، (ثُمَّ) يَأْخُذُ مَاءً جَدِيدًا لِأُذُنَيْهِ، و (يُدْخِلُ سَبَّابَتَهُ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ، وَيَمْسَحُ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا) ، لِمَا فِي النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأُذُنَيْهِ بَاطِنَهُمَا بِالسَّبَّابَتَيْنِ، وَظَاهِرَهُمَا بِإِبْهَامَيْهِ» قَالَ فِي " الشَّرْحِ: " (وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَا اسْتَتَرَ بِغَضَارِيفَ) ، لِأَنَّ الرَّأْسَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا اسْتَتَرَ مِنْهُ بِالشَّعْرِ، فَالْأُذُنُ أَوْلَى، (وَيُجْزِئُ) الْمَسْحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute