«لَوْ بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ إلَى صَنْعَاءَ، كَانَ مَسْجِدِي» وَقَالَ عُمَرُ لِمَا زَادَ فِي الْمَسْجِدِ: " لَوْ زِدْنَا فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَبَّانَةَ، كَانَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي " شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ": وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَنْ السَّلَفِ خِلَافًا فِي الْمُضَاعَفَةِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَيْ: الْمُشَارُ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (خِلَافًا لِجَمْعٍ، كَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ) ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا.
(وَتَوَقَّفَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) فِي ذَلِكَ، قَالَ فِي " الْآدَابِ الْكُبْرَى ": هَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ الْمَسْجِدَ غَيْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ، مِنْ أَصْحَابُنَا وَغَيْرَهُمْ، - أَيْ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: فِي مَسْجِدِي - هَذَا لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ حُكْمَ الزَّائِدِ حُكْمُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَالْأَفْضَلُ لِرَجُلٍ تَخَلَّلَ اعْتِكَافَهُ جُمُعَةٌ) أَنْ يَعْتَكِفَ فِي (جَامِعٍ) ، أَيْ: مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِلْخُرُوجِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاعْتِكَافُ فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، كَالْخُرُوجِ لِحَاجَتِهِ، وَالْخُرُوجُ إلَيْهَا مُعْتَادٌ، فَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى.
(وَيَتَعَيَّنُ) مَسْجِدٌ جَامِعٌ لِاعْتِكَافٍ (إنْ عُيِّنَ بِنَذْرٍ) ، فَلَا يُجْزِئُهُ مَسْجِدٌ لَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، حَيْثُ عَيَّنَ الْجَامِعَ بِنَذْرِهِ، (وَلَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْهُ) ، أَيْ: اعْتِكَافَهُ، (جُمُعَةٌ) ، لِأَنَّهُ تَرَكَ لَبْثًا مُسْتَحَقًّا الْتَزَمَهُ بِنَذْرِهِ، (وَلِمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ) كَامْرَأَةٍ، وَمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ مَعْذُورٍ بِسَفَرِهِ، وَمَنْ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ، (أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِهِ) ، أَيْ: الْجَامِعِ مَعَ الْمَسَاجِدِ، لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَيَبْطُلُ) اعْتِكَافُهُ (بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا) ، أَيْ: الْجُمُعَةِ، لِأَنَّ لَهُ مِنْهُ بُدًّا، (مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ) ، أَيْ: الْخُرُوجَ إلَى الْجُمُعَةِ، كَعِيَادَةِ مَرِيضٍ.
(وَمَنْ عَيَّنَ) بِنَذْرِهِ لِاعْتِكَافِهِ أَوْ صَلَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute