للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُمْ: لَوْ قَطَعَ بَعْضَ شَعْرِهِ، ثُمَّ قَطَعَهَا ثَانِيًا، ثُمَّ ثَالِثًا؛ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِابْتِنَاءِ الْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فِي تَكْمِيلِ الدَّمِ، وَهُوَ بِتَمَامِ الْفِعْلَةِ الْوَاحِدَةِ؛ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا فِيهَا، وَالْبَاقِي حُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ، فَإِذَا أَعَادَهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهُ ثَانِيًا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الثَّالِثَةَ، فَيَسْتَقِرَّ الْجَزَاءُ

(وَ) إنْ فَعَلَ مَحْظُورًا (مِنْ أَجْنَاسٍ؛ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ جِنْسٍ فِدَاءٌ) ، سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ مُجْتَمِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، اتَّحَدَتْ فِدْيَتُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، لِأَنَّهَا مَحْظُورَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ، فَلَمْ يَتَدَاخَلْ مُوجِبُهَا، كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ.

(وَ) تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَاتُ (فِي الصُّيُودِ، وَلَوْ قُتِلَتْ مَعًا) ، فَيَجِبُ كَفَّارَاتٌ (بِعَدَدِهَا) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] ، (وَيُكَفِّرُ مَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا نَاسِيًا) ، أَوْ مُخْطِئًا، (أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ نَائِمًا، كَأَنْ عَبِثَ بِشَعْرِهِ فَقَطَعَهُ) أَوْ صَوَّبَ رَأْسَهُ إلَى تَنُّورٍ فَأَحْرَقَ اللَّهَبُ شَعْرَهُ، إذْ هَذِهِ إتْلَافَاتٌ يَسْتَوِي عَمْدُهَا، أَوْ سَهْوُهَا، وَجَهْلُهَا، كَإِتْلَافِ مَالٍ لِآدَمِيٍّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِأَذًى فِيهِ، وَهُوَ مَعْذُورٌ، فَكَانَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَدَلِيلًا عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمَعْذُورِ بِنَوْعٍ آخَرَ، كَالْمُحْتَجِمِ يَحْلِقُ مَوْضِعَ مَحَاجِمِهِ.

وَ (لَا) يُكَفِّرُ (مَنْ لَبِسَ) مَخِيطًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، (أَوْ تَطَيَّبَ) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، (أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ فِي حَالِ مِنْ ذَلِكَ) ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>