اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَلَا) كَفَّارَةَ (عَلَى مُكْرَهَةٍ) عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(وَمَتَى زَالَ عُذْرُهُ) مِنْ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ (أَزَالَهُ) ، أَيْ: اللُّبْسَ أَوْ الطِّيبَ وَنَحْوَهُ (فِي الْحَالِ) ، لِخَبَرِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ، أَوْ قَالَ: أَثَرُ مَغْرَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ قَالَ: اخْلَعْ عَنْك هَذِهِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ، أَوْ قَالَ: الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ مَعَ سُؤَالِ عَمَّا يَصْنَعُ. وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عَذَرَهُ لِجَهْلِهِ، وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهُ فِي مَعْنَاهُ
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً لِغَسْلِ طِيبٍ مَسَحَهُ) بِنَحْوِ خِرْقَةٍ، (أَوْ حَكَّهُ بِنَحْوِ تُرَابٍ) ، كَنُخَالَةٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَتُهُ (حَسَبَ الْإِمْكَانِ) .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعِينَ فِي إزَالَتِهِ بِحَلَالٍ لِئَلَّا يُبَاشِرَهُ الْمُحْرِمُ، (وَلَهُ غَسْلُهُ بِيَدِهِ بِلَا حَائِلٍ) ، لِعُمُومِ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِغَسْلِهِ، وَلِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهُ، (وَ) لَهُ غَسْلُهُ (بِمَائِعٍ) لِمَا مَرَّ، (فَإِنْ أَخَّرَهُ) ، أَيْ: غَسْلَ الطِّيبِ عَنْهُ (بِلَا عُذْرٍ؛ حَرُمَ) عَلَيْهِ، (وَفَدَى) لِلِاسْتِدَامَةِ، أَشْبَهَ الِابْتِدَاءَ، وَإِنْ وَجَدَ مَا لَا يَكْفِي لِوُضُوئِهِ وَغَسْلِ الطِّيبِ؛ غَسَلَهُ بِهِ، وَتَيَمَّمَ، إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَطْعِ رَائِحَتِهِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إزَالَةِ الطِّيبِ قَطْعُ الرَّائِحَةِ.
(وَيَفْدِي مَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ، ثُمَّ فَعَلَ مَحْظُورًا) لِلْمَحْظُورِ، لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْإِحْرَامِ إمَّا بِكَمَالِ النُّسُكِ أَوْ عِنْدَ الْحَصْرِ أَوْ بِالْعُذْرِ إذَا شُرِطَ وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِهِ، وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ، كَمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِفَسَادِهِ، فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ، وَتَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَفْضِ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ، لَمْ تُؤَثِّرْ شَيْئًا.
(وَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ؛ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ فِيهِ) ، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute