(وَيُعَيِّنُهُ) أَيْ: طَوَافُ الزِّيَارَةِ (بِالنِّيَّةِ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَكَالصَّلَاةِ، يَكُونُ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَافَ كَذَلِكَ «وَقَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَهُوَ) أَيْ: طَوَافُ الزِّيَارَةِ (رُكْنٌ لَا يَتِمُّ حَجٌّ إلَّا بِهِ) قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا حَائِضٌ، قَالَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، كَانَتْ حَابِسَتَهُمْ، فَيَكُونُ الطَّوَافُ حَابِسًا لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ.
(وَوَقْتُهُ) ، أَيْ أَوَّلُهُ (مِنْ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِمَنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ قَبْلُ (وَإِلَّا) يَكُنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ (فَ) وَقْتُهُ (بَعْدَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ قَبْلَهُ (وَ) فِعْلُهُ (يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: طَوَافَ الزِّيَارَةِ (عَنْ أَيَّامِ مِنًى، جَازَ) لِأَنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ (وَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ: تَأْخِيرِ الطَّوَافِ (كَ) تَأْخِيرِ (السَّعْيِ) لِمَا سَبَقَ (ثُمَّ يَسْعَى مُتَمَتِّعٌ) لِحَجِّهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِسَعْيِهِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ كَانَ لِعُمْرَتِهِ (وَ) يَسْعَى (مَنْ لَمْ يَسْعَ مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ) مِنْ مُفْرِدٍ وَقَارِنٍ، وَمَنْ سَعَى مِنْهُمَا، لَمْ يَعُدَّهُ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّطَوُّعُ بِهِ كَسَائِرِ الْأَنْسَاكِ، إلَّا الطَّوَافَ، لِأَنَّهُ صَلَاةٌ.
(ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ لِمَا أَحَبَّ، وَيَتَضَلَّعُ، وَيَرُشُّ عَلَى بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ) لِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: «كُنْت جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْت؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute