للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ، فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ، (وَ) الْبِرَازُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ (هُوَ أَنْ يَبْرُزَ رَجُلٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَبْلَ الْتِحَامِ) الْحَرْبِ (يَدْعُو لِلْبِرَازِ) - بِكَسْرِ الْبَاءِ -: عِبَارَةٌ عَنْ مُبَارَزَةِ الْعَدُوِّ، وَبِفَتْحِهَا: اسْمٌ لِلْفَضَاءِ الْوَاسِعِ، بِخِلَافِ الِانْغِمَاسِ فِي الْكُفَّارِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ، وَلَا يُتَرَقَّبُ مِنْهُ ظَفَرٌ وَلَا مُقَاوَمَةٌ (وَسُنَّ لِمُسْلِمٍ شُجَاعٍ طَلَبُهُ) ، أَيْ: الْبِرَازُ (ابْتِدَاءً) ، أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ كَافِرٌ، قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ، فَقَطْ، وَأَمَّا عَامَّةُ أَصْحَابِنَا فَقَالُوا: إنَّهُ يُبَاحُ، (فَلَوْ طَلَبَهُ) ، أَيْ: الْبِرَازَ (عَدُوٌّ، سُنَّ لِمَنْ يَعْلَمُ) مِنْ نَفْسِهِ (أَنَّهُ كُفْؤُهُ بِرَازُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ) ، لِفِعْلِ حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِهِمْ وَبَارَزَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ مَرْزُبَانَ الدَّارَةِ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَبَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَلِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ الْقُوَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَجَلَدِهِمْ عَلَى الْحَرْبِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ الْمُكَافَأَةَ لِطَالِبِ الْبِرَازِ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ، لِئَلَّا يُقْتَلَ فَتَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ، (فَإِنْ شَرَطَ) كَافِرٌ طَلَبَ الْبِرَازِ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ خَصْمٍ، لَزِمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وَحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» (أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ) جَارِيَةً (أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ خَصْمِهِ، لَزِمَ) ذَلِكَ، لِجَرَيَانِهَا مَجْرَى الشَّرْطِ، (فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ) الْمُجِيبُ لِطَالِبِ الْبِرَازِ أَوْ الدَّاعِي إلَيْهِ (أَوْ أُثْخِنَ) بِجِرَاحٍ، (فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ) عَنْهُ، (وَالرَّمْيُ) لِلْكَافِرِ الْمُبَارِزِ لِانْقِضَاءِ قِتَالِ الْمُسْلِمِ مَعَهُ، وَالْأَمَانُ إنَّمَا كَانَ حَالَ الْبِرَازِ، وَقَدْ زَالَ وَأَعَانَ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ عَلَى قَتْلِ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ حِينَ أَثْخَنَ عُبَيْدَةَ، وَإِنْ أَعَانَ الْكُفَّارُ صَاحِبَهُمْ، فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ عَوْنُ صَاحِبِهِمْ، وَقِتَالُ مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ دُونَ الْمُبَارِزِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبٌ مِنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ اسْتَنْجَدَهُمْ، أَوْ عُلِمَ مِنْهُ الرِّضَى بِفِعْلِهِمْ انْتَقَضَ أَمَانُهُ، وَجَازَ قَتْلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>