الْإِسْلَامِ، وَتَأَيَّدَ عَقْدُهُمْ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَعُونَتِنَا (بَعْدَ فَكِّ أَسْرَانَا) فَيَبْدَأُ بِفِدَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُمْ، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ (وَ) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ (دَفْعُ مَنْ قَصَدَهُمْ بِأَذَى إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِ حَرْبٍ) ، بَلْ كَانُوا بِدَارِنَا، وَلَوْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ بِبَلَدٍ، قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ ": وَالْمُنْفَرِدُونَ بِبَلَدٍ مُتَّصِلٍ بِبَلَدِنَا يَجِبُ ذَبُّ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ عَلَى الْأَشْبَهِ، وَلَوْ شَرَطْنَا أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ لَمْ يَصِحَّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ " فَإِنْ كَانُوا بِدَارِ حَرْبٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ.
(وَحَرُمَ قَتْلُهُمْ وَأَخْذُ مَالِهِمْ) بَعْدَ إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ غَايَةً لِقِتَالِهِمْ.
(وَعَلَيْهِ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي نَفْسٍ وَمَالٍ وَعِرْضٍ، وَ) فِي (إقَامَةِ حَدٍّ فِيمَا يُحَرِّمُونَهُ) ، أَيْ: يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ (كَزِنًا) ، فَمَنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ طَرَفًا، أَوْ تَعَدَّى عَلَى مَالٍ، أَوْ قَذَفَ أَوْ سَبَّ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أُخِذَ بِذَلِكَ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْن عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ الْيَهُودِ زَنَيَا فَرَجَمَهُمَا» (وَسَرِقَةٍ) ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِشَرْطِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ فِي دِينِهِمْ، وَقَدْ الْتَزَمُوا حُكْمَ الْإِسْلَامِ، فَثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ كَالْمُسْلِمِ، وَ (لَا) يُحَدُّونَ فِي (مَا يُحِلُّونَهُ) ، أَيْ: يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ (كَخَمْرٍ) وَأَكْلِ خِنْزِيرٍ (وَنِكَاحِ) ذَاتِ (مَحْرَمٍ) ، لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَهُوَ أَعْظَمُ جُرْمًا وَإِثْمًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِهِ كَمَا يَأْتِي، لِتَأَذِّينَا بِهِ، (وَعَقْدٍ فَاسِدٍ) يَرَوْنَ صِحَّتَهُ، وَلَوْ رَضُوا بِحُكْمِنَا، فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ مَا لَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا، (فَلَوْ تَزَوَّجَ يَهُودِيٌّ وَنَحْوُهُ) كَمَجُوسِيٍّ (بِنْتَ أَخِيهِ مَثَلًا لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَيَرِثُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ) ، وَإِنْ كَانَ هَذَا النِّكَاحُ بَاطِلًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، (قَالَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ أَيْ: لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ لِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ.
(وَإِنْ تَحَاكَمُوا) ، أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ (إلَيْنَا) ، فَلَنَا الْحُكْمُ بِشَرْعِنَا وَالتَّرْكُ (أَوْ) تَحَاكَمَ إلَيْنَا (مُسْتَأْمَنَانِ بِاتِّفَاقِهِمَا) ، فَلَنَا الْحُكْمُ بِشَرْعِنَا وَالتَّرْكُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute