فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا حُكْمَنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّينَ، (أَوْ اسْتَعْدَى ذِمِّيٌّ عَلَى) ذِمِّيٍّ (آخَرَ فَلَنَا الْحُكْمُ بِشَرْعِنَا وَالتَّرْكُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] مَعَ قَوْلِهِ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٤٢] .
(وَيَجِبُ) الْحُكْمُ (بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) تَحَاكَمَا إلَيْنَا لِمَا فِيهِ مِنْ إنْصَافِ الْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ رَدِّهِ عَنْ ظُلْمِهِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ، (وَيَلْزَمُهُمْ حُكْمُنَا) إنْ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، لِالْتِزَامِهِمْ بِالْعَقْدِ ذَلِكَ شَرِيعَتُنَا.
(وَيَحْرُمُ إحْضَارُ يَهُودِيٍّ فِي سَبْتِهِ وَتَحْرِيمُهُ) ، أَيْ: السَّبْتِ (بَاقٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، (فَيُسْتَثْنَى شَرْعًا مِنْ عَمَلٍ فِي إجَارَةٍ) ، لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ «وَأَنْتُمْ يَهُودُ عَلَيْكُمْ خَاصَّةً أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ» . (وَيَتَّجِهُ: وَلِمُسْتَأْجِرِ) إنْسَانًا زَمَنًا مَعْلُومًا كَشَهْرٍ مَثَلًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَ (لَمْ يَعْلَمْ) أَنَّهُ يَهُودِيٌّ، أَوْ عَلِمَ وَجَهِلَ تَحْرِيمَ سَبْتِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ (الْفَسْخُ) إزَالَةً لِضَرَرِهِ بِتَرْكِ الْعَمَلِ فِي كُلِّ سَبْتٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ) إذَا لَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْهِ (أَنْ يَتَتَبَّعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ، وَلَا يَدْعُوهُمْ إلَى حُكْمِنَا) ، أَيْ: شَرِيعَتِنَا (نَصًّا) ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِإِقْرَارِنَا لَهُمْ بِالْجِزْيَةِ، وَلِأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَاةِ، وَلَا الْحَجُّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانُوا يُعَاقَبُونَ عَلَى سَائِرِ الْفُرُوعِ كَالتَّوْحِيدِ.
(وَلَا يُفْسَخُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بَيْعٌ فَاسِدٌ) كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ (تَقَابَضَاهُ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ (قَبْلَ تَرَافُعٍ إلَيْنَا، وَلَوْ أَسْلَمُوا) بَعْدَ التَّقَابُضِ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالتَّقَابُضِ، وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَتَنْفِيرًا عَنْ الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute