بِتَقْدِيرِ إرَادَتِهِ، وَكَذَا سَائِرُ عُقُودِهِمْ، وَمُقَاسَمَاتِهِمْ إذَا تَقَابَضُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَابَضُوا مِنْ الطَّرَفَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، فَسَخَهُ حَاكِمُنَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ فَنُقِضَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أَوْ لَا، لِعَدَمِ لُزُومِهِمْ حُكْمَهُ، لِأَنَّهُ لَغْوٌ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
(وَيُمْنَعُونَ مِنْ شِرَاءِ مُصْحَفٍ، وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَتَفْسِيرٍ) ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ابْتِذَالَ ذَلِكَ بِأَيْدِيهِمْ، (وَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ، وَكَرِهَ بَيْعُهُمْ ثِيَابًا مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذِكْرُ اللَّهِ) تَعَالَى أَوْ كَلَامُهُ حِذْرًا مِنْ أَنْ يُمْتَهَنَ، و (لَا) يُكْرَهُ لَنَا بَيْعُهُمْ (كُتُبَ أَدَبٍ وَلُغَةٍ وَصَرْفٍ) لَا قُرْآنَ فِيهِ، وَلَا أَحَادِيثَ دُونَ كُتُبِ أُصُولِ الدِّينِ وَالْفِقْهِ، فَيُمْنَعُونَ مِنْ شِرَائِهَا كَكُتُبِ الْفِقْهِ وَأَوْلَى.
(وَيَلْزَمُهُمْ تَمْيِيزٌ عَنَّا بِقُبُورِهِمْ) تَمْيِيزًا ظَاهِرًا كَالْحَيَاةِ وَأَوْلَى، وَيَجِبُ مُبَاعَدَةُ مَقَابِرِهِمْ عَنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، لِئَلَّا تَصِيرَ الْمَقْبَرَتَانِ وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْنُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. (وَكَرِهَ جُلُوسٌ بِهَا) ، أَيْ: مَقَابِرِهِمْ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَهُمْ عَذَابٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥]
(وَ) يَلْزَمُهُمْ التَّمْيِيزُ عَنَّا (بِحِلَاهُمْ بِحَذْفٍ) ، أَيْ: حَلْقِ، (مُقَدَّمِ شُعُورِ رُءُوسِهِمْ) بِأَنْ يَجُزُّوا نَوَاصِيَهُمْ وَهِيَ: مِقْدَارُ رُبْعِ الرَّأْسِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: هُوَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ الْعَذَارِ وَالنَّزْعَتَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِالسَّالِفِ. وَ (لَا) يَجْعَلُونَهُ (كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ) بِأَنْ يَتَّخِذُوا شَرَابِينَ، (وَأَنْ لَا يُفَرِّقُوا شُعُورَهُمْ) بِأَنْ يَقْسِمُوا شُعُورَهُمْ نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَجْعَلُوهُ ذُؤَابَتَيْنِ، لِأَنَّ الْفَرْقَ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ تَكُونُ شُعُورُ رُءُوسِهِمْ جَمَّةً، لِاشْتِرَاطِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِيمَا كَتَبُوهُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَكَتَبَ بِهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَتَبَ لَهُ عُمَرُ أَنْ امْضِ لَهُمْ مَا سَأَلُوا، رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute