للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ النَّقْضِ، فَإِنَّهُ يُسْتَرَقُّ وَيُسْبَى، لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأَمَانِ لَهُ وَإِنْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ اخْتَصَّ حُكْمُ النَّقْضِ بِالنَّاقِضِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُضُوا لَكِنْ خَافَ مِنْهُمْ النَّقْضَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْبَذَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، لِأَنَّهُ عَقَدَ الذِّمَّةَ لِحَقِّهِمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ، بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَانِ وَالْهُدْنَةِ، فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.

(وَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ) ، أَيْ: الْمُنْتَقَضِ عَهْدَهُ. (وَيَتَّجِهُ: أَوْ نَائِبُهُ) عِنْدَ غَيْبَتِهِ، لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَلَوْ قَالَ: تُبْت، كَأَسِيرٍ) حَرْبِيٍّ بَيْنَ رِقٍّ وَقَتْلٍ وَمِنْ فِدَاءٍ، لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ قَدَرْنَا عَلَيْهِ بِدَارِنَا بِغَيْرِ عَقْدٍ، وَلَا عَهْدٍ وَلَا شُبْهَةَ ذَلِكَ، أَشْبَهَ اللِّصَّ الْحَرْبِيَّ، وَمَالُهُ فَيْءٌ، لِأَنَّ الْمَالَ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ إنَّمَا هُوَ تَابِعٌ لِمَالِكِهِ حَقِيقَةً وَقَدْ اُنْتُقِضَ عَهْدُ الْمَالِكِ فِي نَفْسِهِ، فَكَذَا فِي مَالِهِ، صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى " وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَمَان مُوَضَّحًا.

(وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ) لِنَقْضِ الْعَهْدِ (إنْ أَسْلَمَ، وَلَوْ كَانَ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ".

(وَيَتَّجِهُ) : إنَّمَا يَحْرُمُ قَتْلُ سَابِّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إنْ كَانَ سَبَّهُ (بِغَيْرِ قَذْفٍ) ، وَأَمَّا قَاذِفُهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَيُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ، وَيَأْتِي فِي الْقَذْفِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَكَذَا) يَحْرُمُ (رِقُّهُ) ، أَيْ: مَنْ أَسْلَمَ، لِأَنَّهُ عَصَمَ نَفْسَهُ بِإِسْلَامٍ لِلْخَبَرِ، (لَا إنْ رُقَّ قَبْلَ) إسْلَامِهِ، فَلَا يَزُولُ رِقُّهُ بِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى مَنْ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ جِنَايَاتٌ مِنْ قَتْلٍ وَدِيَةٍ وَدُيُونٍ اُسْتُوْفِيَتْ مِنْهُ، لِأَنَّهَا حُقُوقُ آدَمِيِّينَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>