للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ. (وَقِيلَ: يُقْتَلُ سَابُّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِكُلِّ حَالٍ) وَإِنْ أَسْلَمَ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ الْبَنَّا، وَالسَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمْ، (وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (وَقَالَ) الشَّيْخُ: (إنْ سَبَّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حَرْبِيٌّ، ثُمَّ تَابَ بِإِسْلَامِهِ، قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ إجْمَاعًا) ، لِلْآيَةِ وَالْحَدِيثِ السَّابِقَيْنِ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ عَلَى شَاتِمِ الرَّسُولِ ": وَالدَّلَالَةُ عَلَى انْتِقَاضِ عَهْدِ الذِّمِّيِّ لِسَبِّهِ اللَّهَ أَوْ كِتَابَهُ أَوْ دِينَهُ أَوْ رَسُولَهُ وَوُجُوبِ قَتْلِهِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ إذَا أَتَى بِذَلِكَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَمَّا الْكِتَابُ، فَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعَ، أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] . . . إلَى قَوْله تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] فَلَا يَجُوزُ الْإِمْسَاكُ عَنْ قَتْلِهِمْ إلَّا إذَا كَانُوا صَاغِرِينَ حَالَ إعْطَائِهِمْ الْجِزْيَةَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ مِنْ حِينِ بَذْلِهَا وَالْتِزَامِهَا إلَى تَسْلِيمِهَا وَإِقْبَاضِهَا، فَإِنَّهُمْ إذَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ وَشَرَعُوا فِي الْإِعْطَاءِ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ إلَى أَنْ يُقْبِضُونَاهَا، فَيَتِمُّ الْإِعْطَاءُ، فَمَتَى لَمْ يَلْتَزِمُوهَا أَوْ الْتَزَمُوهَا أَوَّلًا وَامْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِهَا ثَانِيًا لَمْ يَكُونُوا مُلْتَزِمِينَ لِلْجِزْيَةِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعْطَاءِ لَمْ يُوجَدْ وَإِذَا كَانَ الصَّغَارُ حَالًّا لَهُمْ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ، فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ سَبَّ نَبِيِّنَا فِي وُجُوهِنَا، وَشَتَمَ رَبَّنَا عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ، وَطَعَنَ فِي دِينِنَا فِي مَجَامِعِنَا، فَلَيْسَ بِصَاغِرٍ، لِأَنَّ الصَّاغِرَ: الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ، وَهَذَا فِعْلُ مُتَعَزِّزٍ مُرَاغِمٍ، بَلْ هَذَا غَايَةُ مَا يَكُونُ مِنْ الْإِذْلَالِ لَنَا وَالْإِهَانَةِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الصَّغَارُ: الذُّلُّ وَالضَّيْمُ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ أَنَّ إظْهَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>