الرَّاءِ (مَكَّةَ) ، وَلَا رِبَاعِ الْحَرَمِ (وَهِيَ) ؛ أَيْ: الرِّبَاعُ (الْمَنَازِلُ، وَكَذَا بِقَاعُ الْمَنَاسِكِ) كَالْمَسْعَى، وَالْمَرْمَى وَالْمَوْقِفِ، وَنَحْوِهَا، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ بِقَاعِ الْمَنَاسِكِ (أَوْلَى) مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ رِبَاعِ مَكَّةَ؛ (إذْ هِيَ) ؛ أَيْ: بِقَاعُ الْمَنَاسِكِ؛ (كَالْمَسَاجِدِ) ؛ لِعُمُومِ نَفْعِهَا؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَّةَ: لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا، وَلَا تُكْرَى بُيُوتُهَا» ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ مَرْفُوعًا: «مَكَّةُ حَرَامٌ بَيْعُ رِبَاعِهَا، وَحَرَامٌ إجَارَتُهَا» رَوَاهُ سَعِيدٌ
وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تُدْعَى السَّوَائِبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيلُ) عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الرِّبَاعِ وَالْحَرَمِ، وَإِجَارَتِهِمَا (بِفَتْحِهَا عَنْوَةً، بَلْ لِلنَّهْيِ) الْمَذْكُورِ، (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ أَيْ: " لِلْمُنْتَهَى " " وَالْإِقْنَاعِ " حَيْثُ عَلَّلَا عَدَمَ الصِّحَّةِ بِفَتْحِهَا عَنْوَةً.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّمَا حُرِّمَ بَيْعُ رِبَاعِهَا، وَإِجَارَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَرَمَ حَرِيمُ الْبَيْتِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّخْصِيصُ بِمِلْكِهِ، وَتَحْجِيرِهِ، لَكِنْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْهُ سَكَنَهُ، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَجَبَ بَذْلُ فَاضِلِهِ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَسْلَكُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ " وَسَلَكَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ "، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى.
وَعَلَّلَ الشَّارِحُ بِالنَّهْيِ وَالْفَتْحِ عَنْوَةً، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ فَتْحَ الْعَنْوَةِ فَقَطْ؛ لَيْسَ كَافِيًا فِي الْعِلَّةِ.
وَدَلِيلُ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ) فِي رِبَاعِ مَكَّةَ، (لَمْ يَأْثَمْ بِدَفْعِهَا) ، صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute