بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَفْعَلْ بِعْ التَّمْرَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرِ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْفِ الْحَاجَةِ
(وَصَارِفُ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ) إنْ (أَعْطَى فِضَّةً أَكْثَرَ) مِمَّا بِالدِّينَارِ (لِيَأْخُذَ) رَبُّ الدِّينَارِ (قَدْرَ حَقِّهِ) مِمَّا أُعْطِيَهُ، (فَأَخَذَ) صَاحِبُ الدِّينَارِ مِنْ الْفِضَّةِ قَدْرَ حَقِّهِ، (جَازَ) هَذَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا - (وَلَوْ) كَانَ أَخْذُهُ قَدْرَ حَقِّهِ (بَعْدَ تَفَرُّقٍ) - لِوُجُودِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِلتَّمْيِيزِ، (وَالزَّائِدُ) عَنْ قَدْرِ حَقِّهِ (أَمَانَةٌ) لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لِيَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَتَلِفَ مِنْهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ خَمْسَةٌ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، كَانَ التَّالِفُ عَلَيْهِمَا أَسْدَاسًا، عَلَى الدَّافِعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْخَمْسَةِ، وَيَبْقَى لَهُ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ، وَذَلِكَ سُدُسُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الثَّلَاثِينَ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ اقْتِرَاضَ دِينَارٍ فَدَفَعَ لَهُ جُمْلَةَ دَنَانِيرَ فَتَلِفَتْ كُلُّهَا إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا، (فَلَا يَضْمَنُ زَائِدًا) تَلِفَ بِيَدِهِ (آخِذٌ) - فَاعِلُ يَضْمَنُ - مِنْ (دَنَانِيرَ) أُعْطِيَهَا (لِيَخْتَارَ وَاحِدًا) مِنْهَا (قَرْضًا) ، إذَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَلَمْ يُفَرِّطْ، إذْ الدَّنَانِيرُ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ، وَهِيَ لَا تُضْمَنْ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ بَعْدَمَا تَلِفَ مِنْ الزَّائِدِ فِيمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْفِضَّةَ لِيُخْرِجَ مِنْهَا قَدْرَ حَقِّهِ، صَارَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَمَا تَلِفَ مِنْهَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا فِيهَا، بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُقْرِضِ شَيْءٌ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُ فِي الدَّنَانِيرِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute