(وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ) الْقَرْضَ (فَلَمْ يُقْرِضْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ مَنْدُوبٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْمُومَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِعِوَضِهِ، فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ.
(وَيَنْبَغِي) لِلْمُقْتَرِضِ (أَنْ يُعْلِمَ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ وَلَا يَغُرَّهُ؛ كَفَقِيرٍ يَتَزَوَّجُ) بِامْرَأَةٍ (مُوسِرَةٍ) ، فَيُعْلِمُهَا بِفَقْرِهِ لِئَلَّا يَغُرَّهَا، (وَلَا يَقْتَرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ) إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ مِثْلُهُ عَادَةً؛ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُقْرِضِ، (وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الشِّرَاءَ بِدَيْنٍ، وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ إلَّا) الشَّيْءَ (الْيَسِيرَ. وَقَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لِإِخْوَانِهِ) . قَالَ الْقَاضِي: إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ؛ لِكَوْنِهِ تَغْرِيرًا بِمَالِ الْمُقْرِضِ وَإِضْرَارًا بِهِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْوَفَاءِ؛ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُ وَتَفْرِيجٌ لِكُرْبَتِهِ.
( [وَيَصِحُّ قَرْضٌ] وَيَتَّجِهُ وَلَوْ) كَانَ الْمُقْرَضُ (مُعَلَّقًا) ؛ كَالْمُنَجَّزِ؛ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (بِلَفْظِهِ) ؛ أَيْ: بِلَفْظِ الْقَرْضِ (وَلَفْظِ سَلَفٍ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ، وَبِكُلِّ (مَا) ؛ أَيْ: لَفْظٍ (يُؤَدِّي مَعْنَاهُ) ؛ أَيْ: الْقَرْضِ كَقَوْلِهِ: (مَلَّكْتُكَ هَذَا لِتَرُدَّ) لِي (بَدَلَهُ) ، أَوْ خُذْ هَذَا انْتَفَعَ بِهِ، وَرُدَّ لِي؛ بَدَلَهُ، (أَوْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إرَادَتِهِ) ؛ أَيْ: الْقَرْضِ؛ كَأَنْ سَأَلَهُ قَرْضًا، (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْتُك، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ هِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُعْطِي: هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخِذُ: هُوَ هِبَةٌ؛ (فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ فِي مَلَّكْتُكَ أَنَّهُ هِبَةٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. (وَمَنْ سَأَلَهُ فَقِيرٌ إعْطَاءَ شَيْءٍ) ؛ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ قَالَ الْمُعْطِي: هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخِذُ هُوَ هِبَةٌ، (فَقَوْلُ دَافِعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ) بِقَرِينَةِ السُّؤَالِ. (فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَعْطِنِي إنِّي فَقِيرٌ) ، وَلَمْ يَقُلْ قَرْضًا فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُعْطِي أَنَّهُ قَرْضٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute